الطريق إلى المرأة في قصيدة "حافي القدمين" عبد الله المساعيد
رائد محمد الحواري
"حافي القدمين اسير إليك
فوق الشوك
والنار
لن أفقد رغبة الوصول حتى لو
تعاقب علي الليل
والنهار
ساصنع في كل الطرقات التي
تمشين فيها مقعداً
للأنتظار
ساتبعك في كل الدروب عل
قلبك ينبض ويعرف بأني احبك
بأصرار
فيكون اللقاء الذي انتظرة مثل
الجمر على
النار
وتحكم الأقدار بالقرب ويبدأ
المشوار
تكوني حبيبتي صديقتي وكل
النساء منك
تغار
ازرع دربك عنبا تفاحأ وازهار
تحرسك مشاعري وإلى مدن السعادة
تكون نهاية
الاسفار "
أن تأتي القصيدة متكاملة المعنى، تجمع بين الفكرة التي تحملها والألفاظ المستخدمة فيها، فهذا مؤشر على انسجام الشاعر مع ما يكتبه، الشاعر "عبدالله المساعيد" يقدم قصيدة تجتمع فيها الفكرة والألفاظ معا لخدمة المضون، فهناك مجموعة ألفاظ متعلقة بالطريق: القدمين، أسير، الوصول، الطرقات، تمشين، سأتبعك، الدروب، بالقرب، المشوار، دربك، نهاية، الاسفار" فكل هذه الألفاظ لها علاقة بالطريق مباشرة، ولا يكفي الشاعر بما ذكره، بل يقدم ألفاظ أخرى غير مباشرة متعلقة بالطريق ومن يسير عليها: "حافي، فوق، مقعد، للانتظار، أنتظره، بالقرب، مدن" وبالتأكيد السفر يحتاج إلى وقت/زمن، وهذا الأمر لم يغفله الشاعر المسافر: "تعاقب، الليل، النهار، نهاية" عندما تجتمع هذه الألفاظ في قصيدة، فهذا مؤشر على الوحدة والتماهي بين القصيدة والشاعر، بمعنى أنه لا يكتب بحالة والوعي فحسب، بل يكون العقل الباطن له حضوره وأثره على الشاعر ومن ثم على القصيدو، من هنا نجدها قصيدة منسجمة ومتكاملة وموحدة لخدم فكرة الطريق.
ما قلناه متعلق بالطريق بصورتها المجردة، لكن الشاعر يتحدث عن امرأة، عن الحبيبة، وهذا يستدعي وجود أثرها في القصيدة، والمقصود هنا أثرها الناعم والهادئ، فهي أحد عناصر الفرح/التخفيف التي يلجأ إليها الشعراء، كحال الطبيعة، والكتابة، والتمرد/الثورة، من هنا علينا إيجاد أثرها الأبيض من خلال الألفاظ الناعمة: "النهار، ينبض، يعرف، أحبك، اللقاء، بالقرب، يبدأ، حبيبتي، صديقي، أزرع، عنبا، تفاحا، أزهار، مشاعري، السعادة، الأسفار" فهذ الألفاظ البيضاء والناعمة جاءت بأثر المرأة ومتعلقة بها.
لكن هناك الفاظ قاسية ومتعبة جاءت في القصيدة: "حافي، الشوك، تعاقب، الانتظار، ساتبعك، الجمر، النار، تغار، تحرسك،" فهذا الألفاظ تحمل بين ثناياها التعب والشدة، ويمكننا أن نعلل وجودها بسبب الطريق وما تحمله من مشاق وتعب، وتأكيدا على هذا التعليل، نلاحظ أن الشاعر بعد "اللقاء" ينفتح على الطبيعة من خلال: "عنبا، تفاحا، أزهار" بمعنى أن المرأة أوجدت/خلقت عنصر فرح جديد (الطبيعة) من هنا كان هناك فيض من الألفاظ البيضاء جاء دفع واحدة وليس على مراحل، كما كان الحال قبل "اللقاء".
بهذا يكون الشاعر قد أوصل لنا مضمون الطريق نحو المرأة وكيف تحمل المشاق الصعبة والشدة في سبيلها، ثم كيف ان شعوره بالسعادة والفرح بعد "اللقاء" بها.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.