حنين
ق ق ابتسام الامارة
طوال عمري أرى مباهج الحياة من خلال وصف الآخرين لي.
من هذه النقطة تسربت أفكارهم ومشاعرهم لأراها ببصيرتي...
حين يكون دليلك يدا أو عصا، تكون عالة تبحث لك عن صديق من الطبيعة أو من البشر.
لذا أنا المعتكف بالظلام لا تدميني العثرات..
بل أجدها تجارب تشد من عزيمتي.
بعد حادث انقلاب السيارة فقدت فيه نعمة البصر وبعض الأطراف...
كنت ممتن لممرضتي الطيبة "حميدة" التي صبرت على انانيتي و حسدي..
فكانت معلمتي التي أرتني الألوان بالكلمات...
فهي فتاة قروية تعرف الكثير عن العشب والشجر والورد.
وأنا تلميذ أصغي و لا اتعبها في الشرح التزم مكاني و أغلق فمي، فهي تصف لي لون الوردة عندما اشمها لكي يرسخ لونها مع الرائحة..
في بداية عملها اردت أن أطردها فقد أزعجتني ثرثرتها وتفاخرها علي بأنها ترى كل شيء.
لكن المستشفى اوصت بكفائتها و عوزها.
اوضحت لي خبرتها حين كنت اتألم تأتي في المساء لتقرأ لي بعض القصص التي يسمح بها الوقت قبل ذهابها كي تخفف عني.
اعترف ان لها صوت هادئ بدأت اعتاد عليه، حين تقرأ لي استشعر بقطرات مياه النهر وهي تتقافز كخيول مرحة في التلال.
حين تكون أعمى كل حواسك ترى و تقرأ أفكار الآخرين من اصواتهم
ذات مرة سألتها:
-لم صوتكِ حزينا؟
- لا أعلم...لكن اعتقد أن اوتار الحنين فيه تعزف.
اكتشفت هذا بعد مدة
أن صوتها الحزين ما هو إلا صوتا يعد نفسه أن يكون ذكرى.

