-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

البساطة في مجموعة "إيسولينا وعجة بالفلفل الأسود" منجد صالح

 البساطة في مجموعة "إيسولينا وعجة بالفلفل الأسود" منجد صالح

رائد محمد الحواري

مجموعة مكونة من ثماني قصص، تتناول حالات الناس البسطاء، العاديين، وهذا أحد العناصر التي تجعل القارئ يتقدم منها، فقصة العنوان تتحدث عن "فريد" الذي يذهب إلى مطعم السيدة "إيسولينا" التي تعامله بلطف حتى أنها تناديه "ماذا يريد ابني العزيز أن يأكل اليوم؟" ص81، فنلاحظ أن اللغة المستخدمة تتماثل مع بساطة الشخصيات، وهذا ما يجعل اللغة المستخدمة تخدم الفكرة التي تحملها المجموعة عن الشخصيات، فهي شخصيات من عامة الناس، وليست من تلك التي تعيش في الفنادق الفخمة أو في الفيلل الضخمة.
ونجد في قصة "بائع البطيخ" انسيابة العلاقة بين البائع "نادر" والمشتري، فمن خلال الحوار الذي دار بينهما نجد مأساة "نادر" التي حدث له بسبب غدر أهل زوجته به بعد ان خداعوه بوجود شركة وهمية استحوذت على أربعمائة ألف دينار اردني، وهي قيمة أكبر وأكثر مما يملكه، لهذا وضع كل ثروته وفوقها ديون، ونلاحظ أن الشخصيات تؤم مرافق عامة (بسيطة) وليست فنادق خمس نجوم: "جلس نادر في مقهى لسنترال وحيدا مهموما" ص63، فالمكان ايضا يؤكد على بساطة الشخصيات، فهي تتواجد في مكان يتناسب وبساطتها ووضعها الاقتصادي المتواضع.
وفي قصة "وردة الجزائرية والفتى مجيد" نجد الإنسان البسيط المبدئي والمنسجم مع قناعاته، فبعد أن يعلم "مجيد" من "ياكوب" اليهودي أن وردة الجزائرية هي سبب انتصار جيش الاحتلال في حرب 67 يحجم عن سماع إغانيها: "دا هي إلي كسبتنا الحرب" ص33، فحتى بعد سنوات طوال نجده متمسك بعدم سماعها: "ـ هل ستستمر يا مجيد في مقاطعة وردة، بعد كل هذه السنوات؟
ـ نعم ساستمر" ص38، وللافت في القصة ـ رغم أنها تقدم صورة "مجيد" المتزمت ـ إلا أن موقفه يحترمه القارئ، الذي يجد فيه الإصرار والثبات، وكأن القاص من خلال القصة يريد القول أن المبدئي/المنتمي/الصدق/الثبات على الحق مقتصر على الناس البسطاء، وهذا ايضا منسجم مع الفكرة التي تحملها شخصيات البسيطة في المجموعة.
وفي قصة "الصديقان الطيبان" نجد ابداع الفلسطيني وتألقه، لكن خباثة وغدر شقيقه جعله يفقد كل ما حققه من ثروة. وهذا يخدم فكرة أن الناس البسطاء يتعاملون بحسن نيه وصدق، مما يجعل ضعاف النفوس يغتنمون هذه الطيبة ليقوموا بغدرهم.
في قصة "الصيدلاني الماهر، يتحدث عن "أيمن" الفلسطيني القادم إلى جامعة الإسكندرية لتعليم الصيدلة، الذي ثابر حتى يحصل على مراده في التعليم رغم الصعوبات التي واجهته، المميز في هذه القصة لغة السرد البسيطة والتي تتماثل مع الطريقة التي يتحدث بها الناس العاديين، فعلى سبيل المثل، يحدثنا القاص عن بلدة "أيمن" بقوله:
"وبلدته صوريف مجاورة لبدلة بيت أمر التي تمتطيها وتتعانق معها، كون صوريف تقع في قعر الوادي العميق وبعض من سفح جباله، وبيت امر تقع على المرتفاع المحاذية.
صوريف رغم من وجودها الجغرافي ضمن مرتفعات محافظة الخليل التي تكسوها الثلوج لعدة أيام في فصول الشتاء الباردة القارسة، إلا أن تربتها تحافظ على حرارة عالية كونها تقبع في جوف الوادي وتتسلق حدا من سفوح تلاله الواطئة، لهذا تمتاز بزراعة الزيتون وإنتاج زيته الفاخر الثقيل، يباع بسعر أغلى من زيت مناطق أخرى، وربما يضاهيه فقط في الجودة والكثافة والسعر العالي زيت مدينة بيت جالا الشهير" ص112، إذا ما توقفنا عند هذا السرد، سنجد أن المتحدث/القاص يستخدم الطريقة (العادية) البسيطة التي يتحدث بها الناس العاديين، مما يجعل القارئ يشعر أنه امام شخصية بسيطة قريبة منه، لهذا تجده ينسجم مع ما يقرأ.
وإذا ما أخذنا تركيز االقاص على تفاصيل المكان وما فيه، نتأكد أنه فلسطيني، فالطريقة المفصلة والدقيقة في تناوله للمكان، تؤكد على النهج الذي يتبعه غالبية الأدباء الفلسطينيين في تناولهم للمكان وتركيزهم عليه.
في قصة "المناضل الفلسطيني المهذب" يتحدث عن المناضل المبدئي الثابت على عهده وقيمه الناضلة، فبعد ان يحدثنا عن الصعوبات التي واجهته في الحياة والصعوبات التي مر بها، وبعد أن يصل: "بسيم رشيد من العمر ستة وخمسين عاما.... يقول من يتصل بي يريد أن يسلم علي أو يريد مني حاجة، وفي كلتا الحالتين أنا مدين له، إذ كان يريد تحيتي فمرحبا، أريد أنا أن أكرمه بمكالمة، وإذا كان يريد طالبا فربما ليس لديه الرصيد الكافي للتحدث معي، وفي هذه الحالة أيضا يتوجب علي أن اساعده بمكالمة قبل أن أعرف حاجته" ص142، بهذه الشعبية والبساطة كان "بسيم رشيد" والجميل في هذه القصة، أن القاص يحث ويدعو إلى الفضيلة والتمسك بالعطاء وخدمة الآخرين بطريقة غير مباشرة، من خلال شخصية بطل القصة "بسيم".
وفي قصة "الصديقان اللدودان، نجد المكان البسيط والمتواضع: "وضع الغزال الأوراق الخاصة به على الطاولة، تحت حجة أنه يريد أن يقصها بالمسطرة إلى أربعة أقسام، يحتاجها لتدوين طلبات الزبائن في مطعممه الشعبي المتواضع" ص145، فالمكان هنا جاء ليؤكد على الحالة الشعبية/العامة التي نجدها في المجموعة، ولم يقتصر الأمر على "غزال" بل ايضا نجد صديقه "حكيم" من نفس الطبقة ويتصف مكان عمله بعين صفات مطعم غزال: "فتح حكيم محلا صغيرا، "كافيه نت" يحتوي على أربع كمبيوترات فقط، بجانب الشقة سكنية التي استأجرها في الحي" وهذا التماثل بين المكانين ينسجم مع طبيعية طبيعية "غزال وحكيم"، فرغم أنه وقع بينهما خلاف، إلا انهما سرعان ما يتخلصان منه، ويعودان كما كانا في السابق، وهذا اشارة إلى أن البسطاء يترفعون عن الخلافات ويعفوا بعضهم عن بعض.
في قصة "يولي البديعة" يتحدث عن المرأة، التي نجدها حاضرة في القصة ومهيمنة عليها بالكامل، "يولي" الفتاة صاحبة الستة عشر عاما، والرائعة الجمال والتي تحمل جسما فاتنا، تقوم بعملها في المطعم على أكمل وجه، حتى أن "أوسكار" يبدأ بالتفكير فيها كامرأة، لهذا يستردجا لتعمل معه في "النوفوتيه"، مغريها بأنه سيضاعف لها أجرتها، ورغم أنها كانت تخاطبه: "ـ عمي... عمي أرجوك اتركني، فأنت تؤلمني" ص167، إلا أن الغريزة فيه تسيطر عليه وتجعله يقتحمها، فالقاص اراد بهذه القصة أن يؤكد أن البسطاء أنقياء يثقون بالآخرين، لكن الشر المستحكم بالناس يجعلهم يستغلون هذه الثقة بطريقة متوحشة.
المجموعة من منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية، الطبعة الأولى 2021.
قد تكون صورة لـ ‏نص‏

عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية