ذكرى الأمس
حسن إبراهيم حسن الأفندي
أصبحت تبكي ولا تنفك حيرانا ... وتستعيد لذكرى الأمس ولهانا
أصبحت في شيبك المأفون يقهرني ... تجتر ذكرى لهم كانت وأحزانا
كأن عمرك يمضي بعدما رحلوا ... إلى النهاية يسعى عنك عجلانا
هم أودعوك لدنيا ليس ترحمني ... ولا تقيم لضعف المرء أوزانا
دنيا تعذبني ما بالها عكست ... كل المحاور تعذيبا وخذلانا
وقد لعقت من الدنيا مرارتها ... لما لقيت من الأحباب هجرانا
طأطأتُ رأسي وكان الحزم لي سندا ... واليوم يجري بطرفي الدمع هتانا
وكم يعذّب نفسي قول من شفقوا ... إنا بنوك فجاوز ذكر من كانا
وكم وجدت من الأيام قسوتها ... من سره زمن يبكيه أزمانا
أصبحت في حيرة أجري إلى قدر ... ما كان أغناهما عنه وأغنانا
قد عشت عمرا وزادي قوة مثلت ... للناظرين ولم أعرفه إذعانا
قاومت كل صعيب طارقا عتبي ... أو واقفا في طريق المجد خوّانا
حتى ظننت بأن الحظ ملك يدي ... وما عرفت من التبريح ألوانا
لكنما حالها الدنيا تداعبنا ... حينا تسامرنا , حينا لتأبانا
لكنما قلبت تُبدي مرارتها ... ولا تبدّل في التنفيذ أركانا
رضيت حكم مليك لا مفر ولا ... بديل إلا إذا يرضى وأرضانا
ومن يعمّر يلاقى الذل يجرحه ... وربما بعض عمرٍ زاد أبكانا
ماذا أريد من الدنيا وقد نفدت ... عني مباهجها نأيا ونكرانا
أبكي لما قد مضى أم ذل حاضرنا ... وكل قول برى بالقلب وجدانا
يا شاعرا غنّت الدنيا قصائده ... غنّى لفضل وصاغ الشعر مزدانا
يكفيك قول مضى للناس أطربها ... فعش بماض تجرّع ذكره الآنا
أو عش لواقعك المأزوم في أمل... تخبو منابره حينا وأحيانا
يا شاعر النيل ماذا كان من أسف ... أجدى لحامله نفعا فأغرانا؟
يا موجع القلب مهلا بعض قافيتي ... تزيد من حسرتي نارا وبركانا
خطّت يميني من الأشعار شاردها ... من المعاني وبالتوفيق إيمانا
أودعت شعري للآلام تنسجها ... والناس تعشق من قد جاء طربانا
يا رب يوم مضى كم جئت أنكره ... لما لمست لوخز القلب حفانا
لا لست من ثابت يوما على خطأ... يبقى مكابرة للحر نقصانا
والله ما هان لي ذنب ولا خطأ ... متى أتيت من الأفعال ما شانا
يا رب فاغفر تجاوز عن مساوئنا ... أنت الكريم ومن بالعفو خصانا