"من قديمي"
أنا وسُعاد / عرَّافة الأقْدار
بقلم زياد عمار
قهراً أتيتُ وَجَعْبتي حُبلى بآهاتي الحزينة
أشتكي من بعضِ همٍّ قد تصدَّع تحت وطأته الفؤاد.
يا وجدُ رِفْقَاً بالنَّوى،
هدّئْ سياطكَ!
خافقي يهوي صريعاً تحت مَنْجلِ هَجْرها
والقهرُ يكلمُ أبهري،
أهوي... أرَفرِفُ كالقطا مذبوح همٍّ،
لا سِهامَ تُصِيبُني أَثَراً،
ولا سيفاً مضى من فوقِ نَحْري يا سُعادْ.
"عرَّافةٌ أنتِ...
الْكذوبُ لسانها
والرّمْلُ يشهدُ بين أيديها
وَتَضْرِبُ بالْحَصى
تَهْتَـزُّ ذُعراً من جوى يبدوُ جليَّاً في مآقيَّ الحزينة
ثمَّ تُنْذِرُ بالرَّماد!"
-- يا بائِسَ الحظّ الشَّقيَ...
تمخَّضت رؤيايَ عنْ وَلَهٍ بها يمضي بكلّكَ لِلأَسى،
تهوي... ويَنْبُذُكَ السُّهادْ.
-- هاتي سُعاد...!
وهنا... أرى همّـاً يُلَمْلِمُ بَعضهُ...
يأتيكَ مرتجلاً يُجرجر خلفه زمناً تلوّنَ بالسّوادْ.
فنْجَانُكَ المأفون يخنقهُ اضْطِرابٌ...
لا أرى إلا أفاعيَ في حقيبة غرّةٍ بالعشقِ
لا تقوى على تمييزِ حبٍّ
أو صديقٍ
أو مُعادْ".
-- قولي سُعادْ...!
-- ذاكَ الذي يكوي فؤادك (غيرةٌ)...
تقتات منكَ سعادةً،
تستنزفُ الآهاتِ منكَ صبابةً،
وَتَجِئُّ في عُمْقِ السّباتِ نصالها...
حتى ليبدوَ صُبحك المَذبوح قبل ولادة النّور الْعَمِيِّ مُكفَّناً بالويلِ يَغمرهُ الْفسادْ.
-- هاتي سُعادْ...!
-- ليلاكَ يا ولدي تقرُّ جفونها ليلاً،
وتهْنأ يومها مع بعضِ صَحْبٍ...
يَمرحون، ويضحكون بِنَشْوَةٍ ملء الثّغور
يَلُفّهمْ حبْلُ الْودادْ.
-- رِفقاً سعاد...!
فلسانُكِ الْمَسْمُوْم قرَّح مَسْمَعي،
والقلبُ يَحْتَرِقُ اتِّقاداً مِنْ ضَنى هَجْرٍ...
ولا يقوى على رَشْفِ السّموم بكأْسِكِ الْغَجَرِيِّ
يُتْرَعُ بالأكَاذيب القبيحة باطِّرادْ.
-- بَلْ إنَّها...
-- يَكْفي سُعاد...!
أشْعَلْتِ ذي الدُّنيا لهيباً في عيونٍ غابَ عنها طيفُ مَنْ أهواهُ شوقاً يا سُعاد.
والطّرْفُ أطْبَقَ ضِفّتيهِ عن المدى حزناً...
يُلملمُ نورَهُ المكسور ...
يسْأله السّهادْ.
لكنّني...
عبثاً أناشدُ خافقي،
فالْهمُّ قيّدَهُ احْتضاراً في الدُّجى
والْوجْدُ يَسْلبني الرّقادْ.
يَكْفي سُعَادْ...!
يَكْفي سُعَادْ...!
.............................
زياد عمار
سوريا في 21/10/2009.