-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

وحشية داعش - الرقة ...... اعتدال الحسن


وحشية داعش - الرقة

اعتدال الحسن




أكثر الحوادث أهمية هي التي لاتفارق خيالنا . تسكننا وتحرمنا النوم.
أذكرهما تماماً جيران الحارة جيران الرضا تلاميذي ، عندما كنت أمارس مهنتة التعليم، في مدرسة الحارة " مدرسة معاوية " كانت وفاء تلميذتي في الصف الرابع ،الطفلة صاحبة الابتسامة الدئمة والمُجدّة،ذات الجدائل الطويلة-كنت كلما التقيتها ادندن لها" وفاء اللي جدايلها شقر فيهن بيتمرجح عمر"
-بينما حسام الطفل المجتهد الحَرِك الذي يسكن في الشارع الذي يلينا تلميذ الصف السادس ،وبحكم قرابتهما والجيرة وتردد الأهل الدائم لبعض كنت أشاهدهما يملآن ببراءتهما الدنيا ضحكات ولعب وصخب.
وتمضي الأيام ويغير الأهل مسكنهم ويصبح كل منهما في منطقة حسام تفوق بالشهادة الإعدادية ودخل مدرسة الباسل للمتفوقين و وفاء في ثانوية حميدة الطاهر للبنات وسرعان ماتغير حياة الطفولة والبراءة والأحلام. حيث اصبحا يافعين بطله بهية جميلة .
الآن أصبحت وفاء زهرة متفتحة تغمرها الأنوثة..اهتماماتها وأفكارها وتطلعاتها للمستقبل تغيرت إلا حبها لحسام اصبح واضحا وبحكم وجودنا في محافظة لها عاداتها وتقاليدها المتشددة والخوف الزائد على البنت أصبحت العلاقة المباشرة بينهما صعبة ومثار تساؤل وتباعدت المدرستان واذكر تماماً لثقتها الزائدة بي كانت تزورني أحياناً وتبدأ بالحديث عن أحلامها وعن حسام وأنا بدوري كنت أنصحها بأن المستقبل بيد الله ولكن عليك الاجتهاد في دراستك حتى تحصلي على التفوق العلمي الذي تتمنيه لنفسك ولاترهقي قلبك الصغير و هذا وقت دراسة واجتهاد ولاأطلب منك كبح أحلامك وخيالك واطلبي المشورة من امك فهي أقرب الناس لقلبك.وهي الناصح لكِ.
وبعد ان بدأت محنتنا بالرقة في بداية 2013 بسيطرة الجيش الحر ومعه ارهابيي النصرة ثم الدواعش على مدينتنا انقطعت أخبارهم عني. فقد تغير كل شيء أصبحنا أكثر رعباً وخوفاً ولانستطيع الخروج من المنزل فالدواعش قتلوا كل شيء جميل في حياتنا واعتقد إن هذه كانت من مهماتهم التي ابدعوا وتفننوا بها بحقد لم تسجله كتب التاريخ.
وفي أحد الأيام قُرِعَ جرس بيتي فإذ بامرأتين مكللات بالسواد ولم أعرفهما فقالت إحداهما بفرح:
"خالة أنا وفاء لاتخافي وهي أمي"وفور دخولنا لن أنسى ماحييت وهي تعانقني بحرارة ودموع الفرح في عينيها قائلةً :"خالة أنا عم جهز مشان عرسي ع حسام" وللعلم حسام الذي يكبرها بسنتين والذي دخل كلية الصيدلة كان يقيم في حلب ولايستطيع القدوم إلى الرقة خشية داعش وكانت وفاء تحب قراءة جبران خليل جبران واذكر حينما استعارت من رسائل جبران ل "ماري هسكل " لتكتب لحسام بعضاً مما قاله : "كيف أخبرك...بطريقة منمقة أنك بداخلي...رغم المسافات والبعد وقلة الكلام وازدحام الأمور السيئة كيف أخبرك بأنك ثابت بقلبي".
بعد ان شربنا الشاي استأذنتا بالذهاب الى السوق لاستكمال تجهيز مستلزمات العرس" الجهاز " كما نسميه عندنا.
وأيامنا مع الدواعش كلها سوداء ولكن ذاك اليوم كان أشدهم سواداً وبؤساً وألماً حين علمت أن هناك عقوبة قصاص ستنفذ بحق فتاة وسألت عن السبب فقالوا :كانت هذه الصبية في السوق مع أمها تجهز لعرسها ولشدة تعبها جلست على الرصيف وكان نقابها قد تحرك وظهر جزء من شعرها فإذ بيد تمسكها من شعرها لتشدها بقسوة ودون وعي وبشكل عفوي صرخت وفاء بغضب : حللي عن ربي
والتفتت فإذ هي داعشية" من كتيبة الخنساء- الشرطة النسائية " تصرخ بوجهها بغضب وبصوت عال:
أتكفرين بالله أيتها الفاجرة العاهرة
وثم أخذتها إلى الحسبة النسائية ولأن هكذا جرائم تمس الذات الآلهية لا شفاعة فيها فقد صدر حكم القصاص بحق وفاء ونفذ الحكم في نفس اليوم من ايام صيف 2016 الكئيبة.
كم بكيتك بحرقة ياوفاء يا ضحية التآمر الدولي علينا. لم تكملي احلامك الجميلة لان الفرح ليس مهنتنا نحن من حَكَم الزمن علينا بأن نعيش اذلاء تحت سيوف من يتقربون من الله بدمائنا.
بكيتك بحسرة والم ولاادري الستِ شهيدة الحب الطاهر البريء الذي لولاه ماعُرفت للأمومة والحب اناشيد.
أيمكن أن تكون هذه إرادة السماء ؟ لا لا
أن يبقى حسام وحيدا مثل أوراق الشتاء
لقد مسح ومحا الدواعش أحلامهم وقتلوهم بعد أن كانوا قد بدأوا بتلوين حياتهم.
نحن نحتاج حبكما لكي نبني وطنا اكثر تماسكا لايخترقه الانذال القتلة.
رحمة الله عليك وفاء. ..لكِ من اسمك نصيب في زمن اصبح الوفاء فيه نادراً.
..... اسعدتم مساءً ايها السوريون .

عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية