قصيدة: أ. لطفي منصور
أ.د. لطفي منصور
مِنْ شِعْرِ أَلْفِِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَة في المتَبَتِّلِينَ المتصَوِّفين. التَبَتُّل: الانقطاعُ عنِ الدُّنيا لِعِبادَةِ اللَّهِ تعالَى، وفِي القُرْآنِ (وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلا) لمْ يُذْكَرُ في الْمَصْدَرِ اسمُ الشَّاعِر، ولا لأيِّ قصيدَةِ أَوْ مُقَطَّعَةٍ أُخْرَى: مِنَ الكامِلِ
(اللَّيْلَةُ الثّانِيَةُ والثَّمانونَ بَعْدَ الأَرْبَعِ مِائَةٍ)
- زِيُّ الْفَقيرِ تَبَتُّلٌ وَوَقارُ
وَلِباسُهُ الْخُلْقانُ والأطْمارُ
(الفقيرُ هو الصُّوفيُّ، أيْ الفقيرُ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ. الْخُلْقانُ: جَمْعُ خَلَقٍ وهوَ الثَّوْبُ البالي، وكذلِكَ الأطمارُ وهي الثِّيابُِ الباليَةُ ومفردُها طِمْرٌ. الزِّيّْ اللِّباس. وهذا هو لِباسُ الصُّوفِيِّينَ لانْقِطاعِهِم عنِ الدُّنيا)
- وَالاِصْفِرارُ يَزينُهُ وَلَرُبَّما
بٍسِرارِها تَتَزَيَّنُ الأقْمارْ
(السِّرارُ: الكَلَفُ الأسمَرُ في صَفْحَةِ البَدْرِ، وهي الأودِيةُ والأغْوارُ العميقَةُ عَلَى سَطْحِ القَمَرِ الَّتي لا تَصٍلُها أشِعَّةُ الشَّمْسِ.
وَقَوْلُهُ "الاصفِرارُ" كذا لَوْنُ وجُوهِ الصُّوفِيِّينَ، لِقِلَّةِ الغِذاءِ.)
- قَدْ شَفَّهُ طْولُ الْقِيامِ بِلَيْلِهِ
وَدُموعُهُ مِنْ جَفْنِهِ مِدْرارُ
( الْبُكاءُ مِنْ صِفاتِ الصُّوفِيِّينَ، وَبُكاؤُهُم خَشْيَةً لِلَّهِ. يُنْظَرْ كتابُ البُكاءِ لابنِ أبي الدُّنْيا ت: ٢٨١ هج)
- فَأَنيسُهُ في دارِهِ تِذْكارُهُ
وَجَليسُهُ في لَيْلِهِ الجَبّارُ
(الأذكارُ جمعُ ذِكْرٍ : كُتَيِّبٌ فِيهِ تَسابِيحُ وتهاليل تتنوَّعُ ، مِنْهَا في الصباحِ والمساء والهجوع، وَقَدْ تزيد. جليسُهُ الجبّارُ: قلبُهُ مَعَ اللَّهِ لا ينقطعُ)
- إِنَّ الفقيرَ يُغاثُ بِهِ الْمِلْتَجي
وَكَذلِكَ الأنعامُ والأطْيارُ
( الفقير هُوَ الصّوفي يلوذُ بِهِ الخائِفُ فيُدْخِلُ السَّكينَةَ عَلَى قلبِهِ، وهم لا يَأكُلونَ اللُّحوم)
-لِأَجْلِهِ يُجْرِي الإلَهُ بَلاءَهُ
وَبِفَضْلِهِ تَنْزِلُ الأمطارُ
( هنا مبالغةٌ في التَّقْديسِ، فهم يرفعونَ البلاءَ، وهذا فقطٌ لِنَبِيٍّ، وَيُسْتَسْقَى بِهِمْ، وهذا لِنَبِيٍّ أيْضًا)
فَالْخَلْقُ أجْمَعُهُمْ مَريضٌ مُدْنَفٌ
وَهُوَ الطَّبيبُ الْمُشْفِقُ الْمِدْرارُ
(هذا أيْضًا تَجاوُزٌ لِلْحَدِّ. أحيلُ القارِئَ الْكَريمَ إلَى كتابِ "تَلْبيس إبليس: للإمام عَبْدُ الرَّحْمن بنِ الجوزي ت ١٢م، فقدْ كَشَفَ كيرًا من عُيوبِهم وَأضاليلِهِم).