-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

سري للغاية.. نص : أ. ابتهال الخياط

سري للغاية.. نص : أ. ابتهال الخياط

كان أحد المسؤولين في رحلة سرية للصالح العام و لمصلحة الشعب ، وعند عودته طلب الاجتماع بكل مَن يهمه الوطن و استقراره.. فكان اجتماعا مغلقاً لفته السرية التامة .. كنتُ الكرسي الذي يجلس عليه رئيس الدولة .
كانوا جميعا يتهامسون بقلق ..لم أفهم ما  يدور ..حضر أخيرا الرئيس وجلس عليّ فأصبحت الأنظار كلها إلي.
أغلقت الأبواب وحَلَّ الصمت لدقائق ..ثم فجأة صرخ الرئيس قائلا : ماذا هناك ؟ جعلتموني أقطع سفري و أعود مسرعا .. لأنظر إليكم فقط ؟ ليتكلم أحدكم بشيء!
حينها قال المسؤول الأول عن الاجتماع : سيدي ستحلّ مصيبة كبيرة على رؤوسنا جميعا عن قريب .
سأل الرئيس : ماهي و كيف ؟
أجابه : كنتُ أرى طالعي عند أحد المنجمين وقال أنَّ هناك أمرا بعودة كل الشهداء إلى الحياة عن قريب ، وأنت تعلم سيدي ما معناه . إنهم سيأخذون برؤوسنا جميعا .
قال الرئيس: هل قال المُنَجِم أنهم سيأخذون برؤوسنا جميعا أم برأسك وحدك، فأنت المسؤول الأول عن عمليات القتل بكافة أنواعها ؟
أجابه  : ولكن سيدي كلنا مشتركون بالعمل نحن متفقون على العمل الجماعي ..ولا بقاء لأحدنا دون الآخرين.
قال الرئيس : ( و قد أحسستُ بثقله و كأن وزنه قد زاد إلى الضعف)على كل حال نحتاط للأمر ..عليك التحضير لخطة قوية , اعداد قوائم بهم حسب مناطق سكناهم من المؤكد أنهم سيتصلون بالمقربين لهم ,ثم اختيار عناصر أمنية موالية ومخلصة لنا ,(هنا قاطعه أحد الخائفين ) سيدي إني لا أضمن الكثير منهم .
قال الرئيس : عليكم بالأموال فهي الدواء لكل داء .. وكيف تم قتلهم أليس بالمال ؟
أجاب خائف آخر: لكن الأموال في الخزينة لا تكفي .
أجابه الرئيس :لا أريد أية عمليات جديدة لجمع المال , عليكم بجيوبكم إلى إشعار آخر. (ثم أكمل) : لنفض الجلسة الآن إني جائع , لنعود بعد تنفيذكم ما طلبت وسنجد الحل قبل نزول أمر أحيائهم .
...............................
اتصلت بأخي الكرسي الآخر الذي في مكتب الرئيس ..وأعلمته بما رأيت وسمعت ، وطلبت أن يُبلغني بكل ما يصله .. و أن يتصل بالاخوة الآخرين لنجمع المعلومات ونتفق .كنتُ متلهفا للأمر ..آه الصناعة الحديثة تستحق الاحترام فعلا فالتواصل مهم بين الاخوة إن كانوا بشرا أو كراسي ..
أو أي شيء آخر.
....
الموقع ..مكتب الرئيس *
الرئيس يجلس على الكرسي ،
يدخل الخائف الأول وقد بدت عليه الفوضى وعيناه كطائرين قررا الاقلاع متنافرين .
قال: سيدي أظن أن المُنَّجِمْ أذاع الخبر .
لقد هرب الكثير من اتباعنا من الدوائر , والناس في الشوارع يسارعون إلى التسوق بكثرة وكأن الحرب ستقوم .
قال الرئيس :و ماذا عن أقارب الشهداء كيف يتصرفون ؟
أجاب الخائف : لا أعلم لم يردني أي خبر .
صرخ الرئيس : كيف لم يردك أي خبر .
أين العيون عليهم ؟(سأل الرئيس وقد بان عليه الوجوم)
أجابه الخائف: سأذهب بنفسي و أرى .
(لاحقته كلمات الرئيس : أنت المسؤول عن أي شيء قد  يحدث لي )..!
" اتصل أخي الكرسي و أعلمني بالأخبار الجديدة , وقمت على الفور بالاتصال بابناء عمومتي في كل مكان :
عليكم بالاستنفار الأقصى ,سنتحرر من كل الجالسين علينا ..لن نتحمل اوزانهم بعد الآن،تأهبوا سيعود الشهداء ..ونستفاد من الفرصة "
وانتشرت الأخبار في كل مكان عبر الكراسي من أقاربنا إلى الجيران حتى إلى كراسي المدارس الابتدائية..وعمت الفوضى في كل مكان ، و الكل إلى البيوت مسرعين .
بدت الشوارع فارغة .
أما الخائف الأول فقد كان متنكرا بين الناس يسأل ماذا هناك ؟ أجابته امرأة والدموع في عينيها : يقولون أن اولادنا سيرجعون  ليقتلوا القتلة ويُطهروا الأرض من المجرمين .أسأل الله أن أرى ولدي وهو يقتل المجرم .(ذكرت اسم المسؤول ) .
هنا ارتعد الخائف وقال في نفسه ( إنها تقصدني ) فهرب من المكان وهو يقول لنفسه إنه يوم تحقيق الدعوات للمظلومين.
.............................
جاءت قوات من كل مكان و انتشر الحرس  معلنا حالة الطوارئ القصوى ..فلا داعي للتعتيم لقد أُشيع الخبر.. و الكل يترقب.
كان الغيض في الوجوه ،غيض غريب
لم تألفه الوجوه .
امتلأت الشوارع  بالرجال المسلحين و كان الهدوء رهيبا إلى حد كبير حتى أني أسمع نبض الواقفين بقربي من الحرس .
كانت قلوبا تبكي بدل النبض .."هكذا وصلني الخبر من كرسي كنت أعرفه عندما كنت خشبة في طريق الاستيراد"
فكرت بوصفه وما معناه ..هل الحرس يبكون خوفاً أم شيئا آخر لا أعرفه؟
وفي لحظة صمت ..صاح صوت من السماء، عودوا يا مَن ملكتم الأرض بدمائكم و استردوا أيامكم، اجمعوا أيتامكم ..قبلوا أيادي أمهاتكم وآباءكم ..و اقتلعوا أشجار الخبث ..و ارحموا عمتكم النخلة فقد كان لها نصيبا من الشهادة معكم ..ارحموا الأنهار لقد اختنقت بدمائكم .
وصلني الخبر ،نزلت وفود الشهداء ..طيور خضراء تسير اسرابا طائعة لأمر الله ..راحت تدور حول بيوتها تغمغم بأسماء أهاليها "أن اخرجوا إلينا نراكم وترونا ..نقبلكم كما أعطانا الله الرحمة"
خرجت الحشود من الثكالى والأيتام والأرامل يركضون إلى الشوارع والطيور الخضراء تحوم حولهم تقبلهم والبكاء يعلو باسم الله .
اتصلت بالكرسي صاحبي أسأله : ماذا هناك ؟ لا أسمع صوت قتال ! أجبني؟ فجاءني صوت صاحبي متلعثماً :
يا صاحبي ..ليتك ترى ما أرى !
لكل الحرس أصحاب و أقارب من الشهداء الطيور .. يطيرون حولهم صارخين..يبدو أن المسؤولين فقط هم الخاسرون ..فقد تحول السلاح عليهم الآن .
قلت :تكلم و بعد؟ أين أنت يا صديقي ؟ انقطع الخط ! ما معنى هذا؟!
إني أسمع الآن أصوات الرجال ، أظنه القتال .. إنه يقترب .. أحاول الاتصال بجميع الكراسي ولا جواب ..يبدو أن الامور تسير إلى الخلاص ..فلا أثر للرئيس ..ولا لأي أحد من المسؤولين ..لقد تقطعت الاتصالات واسترجعت هويتي الخشبية
إني الآن كرسي بدون قدرة .
لأسكت وأنتظر ..أرجو أن لا يطول انتظاري. تفتحت الابواب و دخل الحراس من كل مكان ..سمعت الإطلاقات ودخلوا عندي .. ينظرون إلي ..الحمد لله أنني خالٍ ، لا أحد يجلس عليَّ..ولكن ما هذا ..لقد وجهوا إليَّ السلاح ..لا تُطلقوا إني مظلوم مثلكم .
لكنني كرسي و لا أحد يسمعني حتى أبناء جنسي . وأطلقوا وابلاً من الرصاص ..و أردوني كرسيا رئاسياً مقتولا.
سأبقى أتكلم لا بأس لكن بدون صلاحيات لقد استتب الأمن وتم قتل من تم العثور عليهم من المطلوبين .
جاءت جماعة من الرجال حملوني باستخفاف و أخذوني ليرموني في الخارج عبرة لمن اعتبر ، و كأن المشكلة في كرسي.
نظرتُ الى السماء رأيتها تمتليء بالطيور الخضراء تحوم فرحة وتطير صاعدة للاعلى و انشقت السماء عن بوابة ذهبية ليدخلوها سالمين ،تنفستُ الصعداء ..على كل حال أني حرٌّ الآن .. شكراً أيها الشهداء.
لاحت النسمات الطيبة ..ورأيت النساء يجمعن الأطفال ..ويدخلون البيوت ..وكانت الأرض رطبة وكأن السماء تمطر .. لا ليس هناك مطر ، إنها دموع الثكالى ..كيف يمكن أن تُقنع أُما بالصبر ؟
.........................................انتهت

عن محرر المقال

Unknown

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية