تلاشي
أقصوصة
هيثم العوادي
نهاية الممر الضيق، في غرفة الإنتظار، تحت وطئة الشقاء، جلس يزم
احزانه بين ضفاف ألمه ومشاعره، إحساس بالمرارة والوجع يملأ المكان، تصاعد ظلام
اليأس في داخله، ليبقى حبيس ذلك الجاثوم الرابض على صدره.
فجأة من غير سابق إنذار، طارت اجنحة النور ترفرف حوله، واشرقت من
ناحية الباب شمس البراءة التي يعشقها، جاءت ابنته الصغيرة شيماء، سندت يديها على
الحائط، تشبثت بقوة، أراد مساعدتها، لكنها وقفت، أقترب منها، مشت خطواتها الأولى
وهي تترنح كمن يمشي على حبل، أستقبلها بأبتسامته المعهودة، احتضنها وقبلها.. سقطت
عينيه على سمير الذي يلعب برضاعته، لمس أصابعه الغضة الرقيقة، تمعن في وجهه
الملائكي، يتفحص في عينيه ويلتمس ذلك الرجل الذي سيحمل اسمه ويفتخر به، فرت دمعة
من مقلتيه، حاول عبثا أن يخفيها، لكنها علقت على ملامح وجهه الحزين.. بعد لحظات
دخلت وهي تحمل آنية الطعام بقوامها الممشوق، يملؤها الخجل، تسمرت عينيه تتفحصها،
وكأنه يلتقي بها أول مرة، نكست عينيها خجلا، تتوارى عن النظر الى عينيه العسليتين،
بإبتسامتها الرقيقة، وهمستها الشفيفة، عطرت جلستهما بعبق المحبة، احس بنسيم الخلود
ينعش فؤاده، انهم جنته التي كان يأمل.
في تلك اللحظات توارت اجنحة النور بعيدا، وعاد بصره خاسئا وهو حسير؛
حينما طرق الباب شخص يرتدي معطفا ابيض يقول له:-
-حان دورك لأخذ الجرعة.
هيثم العوادي