قصة قصيرة
المبخرة
قحطان عدنان السوداني
وهي تشاهد مسلسلا
تلفزيونيا ،استشاطت غضبا
نهضت لتضرب البطل بنعلها ، لكن عدوى الاستكانة الجمت همتها،وكأن الرضوخ عدوى انتقلت لها عن امينة..شتمت بسرها سي السيد هذا باقذع الشتائم، عتبت على محفوظ تكريسه للفحولة دون الرجولة...و ما ان هم سي سيدها بالخروج ، أحضرت له المبخرة.. نظرها شزرا، ارتعدت فرائصها..قال: سمعت صوت التلفاز عاليا، ارتبكت ،ابتسمت ، تلعثمت..
وكسرا للضجر تولدت لديها رغبة في الصراخ، صراخ بمثابة هتافات ثورة يخبو جمرها تحت الرماد وانعكاسات انكسار الاحلام فيها ولدت ظلا تختبئ خلفه امنيات، امنيات للخلاص لم تتحقق.
هي اليوم رهينة محبس لم يكن ارحم من سجن الاب ، فلا تبدل في قوانيين الاضطهاد التي يحسبونها منظومة قيمية، وتحسبها هي قيودا، بعدما حسبت ان ىبيت الزوجية سيفتح لها نوافذ نحو انطلاقات، لكنها جوبهت بحواجز محفور عليها ان لا تتكلم ولا تناقش..فصوتها عورة ورأيها عورة ، لا بل كلها عورة ،لذا البسوها ثوبا على وفق مقاسات مشوهة.
ذات مرة ارادت ان تفتح كوة للمزاح والنقاش في جدار احكم سي سيدها بناءه... فسألته،
ِلِمَ يُحكم على عروسٍ أن لا تَرى يوم زفافها؟ ولِمَ تزف عروس بكفن؟
فغر فاه !! سألهاوكيف يكون ذاك؟
قالت :لاتعجب يا عزيزي هذه انا.. ألا تذكر إنك الزمتني بان
اضع شالا يقبعني، وقدتني اتعثر لسيارة الزفاف، وانزلتني اتعثر الى غرفة المنام.
فغر فاه ثانيةً !! بدت عيونه تقدح شررا..سألها أليس ذلك الاصوب؟ وأوصد كوة الجدار. اما هي لبست ثوب امينة وامسكت مبخرتها لتطرد شيطانا حل في المكان.
-وكسرا للضجر ورغبة في الصراخ عادت لهواية كانت قد تركتها ،خطت اقلامها فيها
خواطرا وحكايا عن عواطف الصبا المشبوبة.. لكن لم يدر في خلدها ان ما تكتبه لتصارع به الملل، سيغدو موضوعة رأي عام، فبعد أن نشرت ماتكتب على صفحتها
على مواقع التواصل وتحت اسم مستعار،راحت كتاباتها تنتقل كالنار في الهشيم، يتلقفنها النسوة بالتأييد ويعزفن معها على اوتار الحرية، رافضات للعنف والتهميش، فكبر موج ماء راكد ،بعدما رمت فيه حصاة وغدا امواجا هائجة.
باتت تراقب ما لا تعرف تسميته هل هي لعبة كبرت!؟ ام ايمان ترسخ!؟..لايهم فأي الامرين هو صراخ وقول لا بوجه مضطهدها ، هو المبتغى، وان كان من وراء (الكيبورد) تصرخ بالف لا كلما غاب سي السيد عن البيت.. واذا ما عاد ، تضغط على زر الاغلاق ، وتُحَضر المبخرة .
قحطان عدنان السوداني
العراق . بغداد
