قناعة
أحمد اسماعيل /سوريا
المختبر ليس بوضعه الطبيعي هذا الصباح، الكوابيس لم تفارق الأفعى في عتمة الليل، ضاق صدرها من كثرة القتل و السم الذي يتجدد بين نابيها،
هاهي تستغل دخول الطبيب وترهقه بتوسلاتها، راجية تغير ملامحها حتى لا تفكر بلحظة تعيدها عن توبتها.
رفض الطبيب محاولا ثني عزيمتها بفوائد سمها و وجودها كأفعى في توازنات الطبيعة،
لكن إصرارها الشديد جعله يفند لها الخيارات،
لم تلتفت لشكل الضب الذي سيمنحها أربعة أطراف و سرعة و رشاقة في الحركة، لأنه يتباهى أيضا بكثرة ضحاياه.
ولا للسلحفاة التي تمضي عمرها بطيئة الحركة مع درع صلب ثقيل يلازمها على ظهرها.
ما لفت نظرها فقط دودة الأرض، و زادها انبهارا حديث الطبيب عن مهاراتها في تهوية التربة، وجعلها صالحة للزراعة و نمو النباتات، وعلى الفور طلبت شكل الدودة و بإلحاح شديد، لما استوت على حالتها الجديدة، شكرت الطبيب كثيرا، ثم شقت طريقها زاحفة في البستان المجاور للمخبر،
شاهد جمع من الدجاجات فتنتها، سرت لأنهن لم يعرفن أنها الأفعى، اقتربت منهن أكثر، بدأ النقيق كلحن موسيقي هادئ من الجميع، و ردا منها على عدم خوفهن زادت جاذبيتها تجاههن، فالصوت الذي بداخلها يقول حان الوقت لتكوين الصداقات، رويدا رويدا صارت في وسطهم وكأنهم يحيطونها في دائرة، فجأة اندفعت مناقير الدجاجات لتلتقطها دون رحمة، النقيق لايشبه الأن سوى النشاز، الغبار يتصاعد تحت أرجل الدجاجات، حفرت مخرجا لها تحت الأرض، لكن إحدى الدجاجات استخرجتها بسهولة، استنجدت بأنيابها فلم تجدها،
تذكرت قوة جسدها وقدرتها على جعل جسدها صلبا أثناء التفافها حول جسد وعنق فرائسها وهي بين حدي المنقار، فأبرزتها بكل ما تملك من طاقة، لكن ذلك سهل تقطيعها و جعلها وجبة لذيذة لا تقاوم.