الإنسانية مُجسَدة بهيئة امرأة
علي البهادلي
كان الخبرُ صاعقة، لا يحتملُ التصديق ،يشبهُ نوعاً ما ضربةً قاضية يوجهها إلى وجهك بطل العالم في الملاكمة ( فئة الوزن الثقيل ) ، ضربةٌ لا تجعلُكَ تترنح فقط تبحث عن حالة لإعادة التوازن ، بل ضربة تجعلك تفقد الاحساس والشعور بما يدورُ من حولك .
كان الخبرُ ضربة ً للروح لا للوجه ، بعثر الفتات الذي نستكين بهِ وإليه ( فتات الإنسانية التي اخذت تضمحل يوماً بعد يوم أثر المتاهات والدوامات المتلاحقة من اللامنطقية المفروضة علينا بطريقةٍ أو بأخرى ) .
هكذا إنهار جبل : كنتُ أراهُ متضعضعاً لا من حيث أنه ضعيف فالجبل يبقى جبل بل بهشاشة الداخل المتماسك منه رغماً عنه ( أن تفقد ولداً وتبقى متماسكاً من أجل الولد الآخر فتلك معضلة لا يمكن ان تجعلها متوازنة مهما حاولت - لكنها محاولة جديرة بأن تُخاض رغم مرارتها اللاذعة وحلاوتها الباهتة ) .
هكذا عرفتُها قوية مرحة تُغازل نسمات الهواء رغم ألمها الغائر في العمق . امرأةٌ متشحةٌ بالسواد ، سمراءُ كحيلة روحها تبتسم قبل شفتاها ( روحٌ تبتسم رغم أن دموعها العميقة بعمق دجلة والفرات ) امرأةٌ ناقمةٌ غاضبة لكنها هادئة كنسمةٍ ربيعية تدغدغُ وجهكَ ، بحةُ صوتها تغازلُ اعتى سيمفونيات بتهوفن رقة .
فقدت ابنها عبدالله ( عبودي ) في انفجار الكرادة خالد الذكر ( انفجار مجمع الليث ) وعاشت ميتة من أجل ابنها الآخر الذي نسيت اسمه للأسف .
رغم الحزن الذي لف جميع من عرفها والصاعقة التي نزلت على الجميع لم ارى الصداقة مجسدة باسمى معانيها إلاَّ من خلال اثنين من اصدقائنا ( مجسدة من خلال دموعهما الساخنة )
هذا الصديقان اللذان انحني أمام دموعهما الحقيقية هما ميسرة هاشم العلواني و حسين الوادي ساجت المحمداوي ( لكما مني كل الحب والاحترام والتبجيل وقبلةً بحجم نضال لجبينكما ) .
هكذا بلحظة فقدت هذا الجبل الشامخ الهش من الداخل هشاشةً لا يمسها إلاَّ اقرب المقربين لها
وهكذا فقدت الأخت التي لم تلدها أمي والصديقة التي حيرتني في انفتاحها الملتحفُ بالحياء .
نضال ( أم عبودي ) نضال الربيعي :
عزائي الوحيد أنكِ ستلتقين بعبودي الذي طالما كانت روحكِ تكاد أن تنخلع وأنتِ تنطقين أسمه أمامي .
الى عليين يا أختاه ، روحٌ وريحان ورحمةٌ ونور الى روحكِ المتلالئة الطاهرة المبتسمة .
ستبقى ابتسامتكِ خالدة ودافئة كما هو عهدها في قلوب أحبتكِ واخوتكِ واصدقائكِ .
ولكِ في القلبِ منارةٌ
تصدحُ بكبريائكِ
يا نضال الشموخ .
(( وداعة الله خوية ))