نشيد الصباح "قصة قصيرة"
رن جرس الطابور الصباحي في المدرسة ، الحقيبة ثقيلة وهولا يزال في أول الشارع يحاول أن يسرع قدر ماتمكنه قدماه الصغيرتان . يكاد أن يهرول وهويحاول بيديه أن يخفف من ضغط سيور الحقيبة على كتفيه المنحنيان إلى الأمام ، ابتدأ طابور الصباح وسمع صوت الطلبة ينشدون : يابلادى يابلادي بجهادي وجلادي ..لم يسبق له أن تأخر عن النشيد ، قبل أن يكتشف في الصباح أن حقيبته ممزقة ، كان يبكي وهو يطلب من والدته أن تسرع في خياطتها له .
علا صوت النشيد ..ادفعي كيد الأعادي والعوادي واسلمي ..اسلمي طول المدى إننا نحن الفدا ..تخيل صورة مدير المدرسة واقفا بعصاه الطويلة ينتظر الطلبة المتاخرين.
الآن بدأ يركض وهو يشعر بثقل الحقيبة تهتز بشدة فوق ظهره وتضغط سيورها علي كتفيه مسببة له ألما شديداً.. كان يحب هذه الفقرة من النشيد وكان يغنيها بأعلى صوته يابلادي أنت ميراث الجدود
لارعى الله يداً تمتد لك
فاسلمي إنا علي الدهر جنود لا نبالي إن سلمت من هلك...زاد من سرعة ركضه وهو يرى بواب المدرسة متجها نحو الباب الكبير بخطواته المعتادة المتثاقلة وكان هو بخطواته الراكضة المتسارعة في سباق مع البواب الذي رآه يركض عابرا الشارع ، وكذلك رآه السائق المسرع ولكن لم يسعفه الوقت ..دوى صوت الفرامل بشدة قُذف الجسد الصغير عاليا في الهواء تناثرت الكتب علي مساحة الطريق ..وبعضها تخضب بالدماء..
استقر الجسد الصغير على الأرض.. رفع رأسه قليلا نظر إلى باب المدرسة الذي كان مفتوحا بانتظارة وهبط الرأس ببطء على الأسفلت نظرته كانت ترى كل شيء.. وكانت أذناه تسمع آخر كلمات النشيد.. ليبيا ليبيا ..ليبيا