ديمقراطيةُ المجتمع
نبيلة الوزّاني
لكم نحن بحاجة إلى التقارب المعنويّ والحسّيّ والوجدانيّ
ونحن نمرّ بمرحلة عصيبة جدّا في تاريخ البشرية ،
مرحلة تكتظُّ بالأحداث القاسية المأساوية المختلفة ،
ومنها ظهور هذا الفيروس الفظيع " كوفيد 19 " بتوابعه وتبعياته
والذي سواء أكانَ
( مُحَوَّراً كما يقول بعض الدارسين له أم فيروسا خُلق هكذا بصفاته الشرسة ) .،
مرحلة فرضتْ نفسها بقوّة كبيرة جدا ، الأمر الذي أَخضَع الناس لنوعٍ
من الحياة البعيدة عن الدفء البَشريّ المعهود من حيث
التّعاملات والتصرّفات والتّقارب الوجداني ،
والتخوّف وارد جدا على ضوء ما نراه أيضا بوضوح من تطوّر إليكترونيّ من نتائجه التي نعيشها فعلا هو تباعد الأفراد حتى وهم يعيشون في نفس البيت ومن نفس الأسرة ، حيث أن الشبكة العنكبوتية بكل مواقعها وقنواتها ساهمت بشكل كبير جدا في تفشّي هذه الظاهرة فنرى أغلب الناس لا يبالون إلا بذلك الجهاز الصغير الذي يسكن عقولهم ويحملونه في أياديهم
و الوباء الذي سبّبه فيروس ( كوفيد 19 ) فهو محور آخر يُضاف لما سبق ،
إذن، لنا الحق أن نتخوف على مصير الإنسان كإنسان بكل ما يحمله من صفات وليس كإنسان مظهرا بل جوهرا ...
ومن عواقبِ هذا وإنْ استمر الحال كما هو عليه
فستُودي بمصير البشرية كلّها إلى البرود العاطفيّ الإنسانيّ شيئا فشيئا
حتّى يتمّ جموده بصفة نهائية لنصبح آلات بشرية خالية من السّمات الإنسانية ،
وهذه ستكون نهاية التآلف الإنسانيّ الذي من أجله خُلقَ الإنسان.
وعلى ضوء ما سبق ، ونحن نمرّ بهذه التّغيّرات الواسعةِ في تاريخنا البَشريِّ،
كم سيكون جميلاً أن نفكّر في حلولٍ قد تساهم في قطع بعضِ
حبال هذه التّفرقة المعنوية والجسدية والتّباعد الحسّي
وأيضا الملموس وهذا من بعض نتائج الأحداث التي نعيشها ،
من بين تلك الحلول هي :
الديمقراطية الاجتماعية ، أمر غاية في السموّ والتّناغم الإنساني والتّعاطف الوجدانيّ ،
وكم جميل أن يتعامل بها البشر بل أن تكون طبعا وسلوكا تتشرّبه العقول والقلوب
حتّى تدُرك معناها العميق وبُعدها الهادف ومغزاها الحقيقيّ ،
ولن يحدث هذا إلّا بتظافرٍ جماعيٍّ صادرٍ عن الاقتناع التّامِّ
بأنّ الدّيمقراطية الاجتماعية هي المَخرَج الآمن للكثيرِ
من عناصر التّمييز والتجزئة التي تسود المجتمع في جميع المجالات
ومنه للعالم بأسره........
،،،