قراءة ا. عبير ﻋﺒﻴﺮ عزاوي لنص "شرود" للقاصة/ صديقة علي
تغير حركة السرد بين الداخل والخارج . و تعدد التقنيات السردية
.......
ساتناول هذا النص من جانبين
تغير حركة السرد بين الداخل والخارج . و تعدد التقنيات السردية التي استخدمها الكاتب كمبكانزم لحركة الحدث.
نقطة البدء في هذه القصة اتصال هاتفي وهي فترة زمنية قصيرة للغاية لكنها تكشف حكاية حياة وحب وفراق وحنين وهذا ماتكون عليه القصة القصيرة عادة ..لحظة مقتطعة من الحياة لكنها تكشف حياة .
تنتقل الساردة بين عالمها الداخلي الذي تعيش فيه قصة حب انتهت بفراق هو سفر الحبيب لأنه لايستطيع العيش في بلد( يجرم حبه) تجريم الحب يأتي بالدرجة الأولى عادة في المجتمعات المنغلقة بسبب مفهوم العيب والعار صعودا لمستويات أخرى تتعلق باختلاف الطبقات أو العرقيات ولكن التجريم الذي اختاره الكاتب هو تجريم باختلاف الدين وهي مسألة بالغة الحساسية في المجتمعات متعددة الأطياف.
لكن هذا الحب لعب دوراً في تغير مصائر الأبطال ..الحبيب صار أباً شديد الغلظة والقسوة كما ورد في حديث الابن وهو يعرف أمه على صديقه جورج
والحبيبة صارت كثيرة الشرود وهو ما يسمها عند من حولها
والشرود حالة انفصال زماني ومكاني عن الواقع رفض للواقع وغرق في عالم آخر نفسي يتصل بالماضي اختارها الكاتب بذكاء شديد لتكون الرابط بين المتن والفكرة العميقة التي يقدمها النص حالة الانكفاء النفسي الداخلي للساردة وانغلاقها على عالمها الداخلي في حالة توترية في الحياة عكسها توتر الحوار والانتقال الرشيق إلى التداعي الداخلي .
المرأة تتحسر على هذه الفسحة السرية التي (يستكثرونها عليها) وكأن المنع يطال حتى أعمق مناطق الخصوصية .و كأن حتى حقها في الانعزال في عالمها الوهمي قد تمت مصادرته .
حركة الحدث الخارجية عبر عنها الحوار الكاشف بين الساردة / الأم وابنها وهو يتصل بالحاضر /النتيجة ..
أما الحدث الداخلي فقد عبر عنه استرجاع الساردة لقصتها القديمة ؛ الماضي / السبب وتمت عبر الإضاءة الفلاشية للحظات شديدة النكثيف ..(مثل الشبه بين الولد ووالده / حبيبها القديم ..
الطباع التي تتماثل و استخدمها الكاتب حاملاً لكشف عمق الحب واتساعه ..(لا أحب اابطاطا المقلية ..أحبك أنت ...)
وكذلك السؤال عن عودتهم من الخارج ..)
استخدمت الكاتبة تقنية تيار الوعي والتداعي السردي بالتبادل مع الحوار برشاقة شديدة الرهافة ..
تبادلت تقنيتا الحوار وتداعي الوعي العمل على السرد :
الحوار الذي كشف طباع الشخصية وتفاعلاتها النفسية و قام بلمّ أطراف القصة في الحاضر وكشف علافات الشخصيات .بينما قام تيار الوعي بكشف أصل القصة وعمقها وبعدها النفسي و شفّ عن محمولها الفكري بتعمية ناجحة.
يحسب للكاتبة قدرتها الفائقة على الانتقال من الحوار الى المونولوج وبالعكس اي من حركة حدث خارجية إلى حركة داخلية وبالعكس ايضا وهذا ينم عن تمكن واحترافية وإلمام باسرار القصة وخصوصا الحداثية و مابعد الحداثية ..
ملاحظة أخرى:
الكاتب اعتمد على قوة خيال القارئ ليبني الحدث بشكله النهائي ويملأ الفراغات التي تركها له ثقة منه بأنه يحسن القراءة خارج الصندوق ولديه القدرة ليكون مشاركا في صنع الحدث واستكمال النص لياخذ شكله النهائي والحق يقال ان قليلين من الأدباء يمتلكون هذه الحرفية في مزج تقنيتين صعبتين في الكتابة ليبني نصا يكون فيه للقارئ دور في اتمام السرد .
أهنئ الكاتبة لامتلاكها هذا القلم الفريد والمتفرد