قبلَ أن يَرتدَّ إلينا الطَّرفُ
سعدي عبد الكريم
الأغنياءُ يُلمِّعونَ أحذيتهم
بأوراقِ العُملاتِ النَّقديَّةِ
والفقراءُ يبحثونَ عن طعامِهم
في حاوياتِ النُّفايةِ
ثمَّةَ فارقٌ كبيرٌ بين البائع المُتجوَّلِ
والنائب في البرلمانِ
الدَّفانُ ..
لا يفرقُ بين الجُثَّتين
والمقبرةُ تستقبلُ الموتى
دونَ اسماءٍ ؛ ومزايا ؛ وعناوين
وأرقام المعاملات الواردة
اللهُ يعرفُهم بالأسماء
والأشكال ..
تقفُ الأجوبة حائرة
مرتبكة ..
أَمامَ الأسئلة الفضفاضة
لأنها؛ تُولدُ ميِّتة
وخالية من الدَّهشة
وأنا .. أقفُ برئة مثقوبة
وقلبٍ مَعلُول
وذكريات قاسية
أسيرُ صوب انعكاس المَرايا
واقترابِ المَنايا
أنفَّضُ الغبار عن قميصي
الذي كنتُ قد إذَّخَرتُهُ لي كَفناً
من أزمنة القَحط
وأزمنة الضَّيم
هكذا تنتهي رحلة العمر
قبلَ أن يَرتدَّ إلينا الطَّرفُ
فالليلُ إفتراءٌ مُريبٌ
يسيرُ ببطءٍ عَجيبٍ
كسلحفاةٍ مقلوبةٍ على قَفاها
تَقتربُ من حَتفِها
فالحُبُّ كذبةٌ كبرى صدَّقها
اللاهثونَ إلى الضَّوءِ
ليس للرَّيحِ يا وطني
سوى أن تنفضَ عن وجوهنا
غبارَ الرَّحلةِ
لنرى ما هو قادم
بعيونٍ أكثر اتساعاً

