-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

فقرة ارتق بنصك ... قراءة أ . عبد المنعم الجبوري

  فراشة

صابر المعارج

في السُّوقِ القَريبِ،
يُمْسِكُ يدَها الصغيرةَ. تباطأتْ خطواتُها، اِلتَفَتَ صَوبَها، في دُميةٍ مُعلقةٍ سَمّرَتْ عيناها، تحسّسَ جيبَهُ، تنهّدَ، تذكّرَ...
في البيتِ يَدَّخرُ ثَمنَ دواءٍ، دفعهُ نحوها، حلّقتْ...
عند الباب اِنتظرها... حين دوى الأنفجارُ؛
سقطَ من يدهِ عكازُهُ!




------------------------

قراءة أ . عبد المنعم الجبوري

يستحضر القاص صابر معارج في قصته القصيرة جدا "فراشة" بعض المشاكل الاجتماعية والنفسية للمواطن الفقير في التقاط صور حية ناطقة يعكس فيها قدرته الادبية المتمكنة في السرد وكأنه يمسك بكاميرا ليلتقط فيها صور حسية حية.
العنوان "فراشة" هو مفتاح ولوجنا للنص الذي أراه مناسبا جدا وغير فاضح له.
والفراشة جنس جميل من الحشرات ذات الأجنحة الملونة والزاهية التي تتنقل في الحدائق والمتنزهات بحرية مطلقة وتتغذى من رحيق الازهار وهي ذات فأل حسن عندما يشاهدها الناس وترمز للحرية والجمال في المنهج والتفكير.
النص
---------
"في السوق القريب يمسك يدها الصغيرة "
وهنا يحدد القاص المكان والزمان الموضوعي للنص . السوق مكان الحدث في زمن الفوضى والتفجيرات العارمة التي اجتاحت اسواقنا وراح ضحيتها آلاف الأبرياء.
اذن المكان هو السوق القريب بالتأكيد من داره. حيث كان يمسك يدها الصغيرة خلال مرورهم بذلك السوق اللعين كحال كل الآباء الذين يصطحبون أطفالهم للتسوق او التنزه.
فالسوق هو المكان المحسوس القابل للإدراك والحاوي للاشياء وفيه تضاد حسي واضح من حيث ثبات المكان وحركة الإنسان فيه.
ثم انتقالة سردية اخرى
" تباطأت خطواتها"
وهنا ندخل بما يسمى الفضاء الدلالي للنص وهي الصورة التي تلخصها لغة بداية الحكي.
حيث تباطأت حركة الطفلة متعجبة بمعروضات السوق وخصوصا مايستهوي الأطفال من الدمى ورغبة الطفلة في إشباع رغبتها في اقتنائها حيث سمرت عيناها شاخصة على تلك الدمية.
انها لوحة لمعاناة الفقراء
"تحسس جيبه ،تنهد، تذكر"
أفعال حركية للحيرة بين تلبية رغبات وواقع حال خلق مساحة واسعة في فضاء السرد جعلنا نتصور ذهنيا لحظاتها
"في البيت يدخر ثمن دواء..دفعه نحوها "
ويمثل ذروة القص حيث"حلقت عبر الباب" فرحة لاقتناء الدمية التي أصبحت قاب قوسين او ادني من الشراء.
"انتظرها..حيث دوي الانفجار "وهي صور اعتاد عليها العراقيون يوميا في اسواقهم حيث ظل خائفا على ابنته الصغيرة.
وهنا يفاجئنا القاص صابر المعارج بخاتمة صادمة ذكية بمفارقة ذكية جدا.
"سقط من يده عكازه"
واخيل هنا العكازة استعارة مجازية لفقدان ابنته في الانفجار حيث كان يمسك يدها فهي عكازته الوحيدة.
هذه قراءتي المتواضعة للنص والنص الجيد قابل للتأويل..مع الاعتزاز والتقدير.

عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية