مَا بَعدَ المَوتِ
... وَاترُكْ عَينَيكَ بِلا نَومٍ
تَسَلَّلْ على أطرَافِ صَحوِكَ
إلى فَيضَانِ نَبضِكَ
حَدِّد مَكانَ وِلادَةِ النَّجمَةِ
في أقاصي عتمَتِكَ
ولا تَدُقَّ أبوابَ الظَّلامِ
قَد يَنهضُ الإثمُ مِنْ مَرقَدِهِ
قَد يَثِبُ الدَّهاءُ على غَفوتِكَ
تَأَمَّلْ نَارَ الحَنينِ
والكلماتُ تَتَأَجَّجُ في ارتحَالِكَ
الدَّمعَةُ حَفَرَتْ بِلا محراثٍ آهتي
الأصَابعُ رَسَمَتْ صَلابةَ التَّنفسِ
كلُّ شَيءٍ لا يَدِلُّ على شَيءٍ كانَ
كأنَّما النَّسمَةُ التَصَقَتْ بالرُّوحِ
كأنَّما الرُّوحُ تَفَتَّقَ فِيهَا الرَّمَادُ
وَأَرَى دُرُوباً تَنطَلِقُ مِنْ دَمِي
وَقَلبي يَشرُدُ عَنْ عَذَاباتِهِ
يُرِيدُ أنْ يُعطيَ دَرسَاً لِلحَنينِ
هِيَ لَمْ تُشَاركْنِي الوَقفَةَ
لأطيلَ التَّغزّلَ بِهَفِيفِ بَسمَتِها
وَأُداعِبَ خَصَلاتِ رَحِيقِها
قالتْ لَمْ أحُبَّكَ وَتَهَاوتِ القَصِيدَةُ
بَكَى النَّبضُ وارتمى
تَجَمَّدَ السَّحابُ في سَماءِ لَوْعَتِي
وَتَهَاطَلَ الوَجَعُ في أوْردةِ الرُّؤى
إنِّي أكتبُ عَنْ مَوتِ الضَّوءِ
عَنِ انتحارِ النَّدى في غُصُونِي
عَنْ سَرَابٍ يَعدُو نَحوَ مُستَقبَلِي
لماذا وَقَفتُ عندَ نبعٍ لا يَنبعُ إلَّا الحُطَامَ ؟!
لماذا أخَذَتْ مِنِّي كلَّ ما كانَ سَيَأتِي؟
صَارَتْ أيَّامِي بِلا أسوَارٍ
وَتَحَوَّلَ مَوجِي إلى كَفَنٍ غَطَّى أَشْرعَتِي
إنِّي أسأَلُ صَمتَها عَنْ نَكهَةِ صَوتِها
أسألُ عَنْ وَردِها القَابعِ في العَرَاءِ
نَدَى عَاشَتْ مَنكُوبَةَ الوجدَانِ
نَدَى مَرَّتْ على قلبي سَجّاناً شَرِسَ السُّوطِ
والمعتقلُ كانَ متراصَّ البُنيَانِ
نَدَى شَكلُ مَوتِي حِينَ يُغتَالُ الإنسَانُ .
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول