القصيدة ...
هَرَبَتْ منِّي القصيدةُ
كنتُ على وَشَكِ أن أكتبَها
قالتْ وهي تَنسحبُ مُسرعةً :
- أنتَ سَتُثقِلُني بالمَعَاني
وَتُبلِّلُني بالدَّمعِ
وَسَتُطلي كلماتيَ بالحزنِ
وتنثرُ في ساحاتيَ الوجعَ
وَتَزرَعُ في أرضيَ السَّرابَ
أنا لا أريدُ أنْ أولدَ على أصابعِكَ
سأذهبُ إلى صديقٍ لكَ يكتبُني بشكلٍ مخالفٍ
ورَاحَتْ إلى صديقيَ المُنَافُسِ
طَرَحَتْ نفسَها عَليهِ
رَحَّبَ بالفكْرَةِ .. بَلْ طَابَت لهُ اللعبةُ
وبسرعةٍ التقطَ القَلَمَ
أزالَ عنْهَا الغَيْمَ
غَسَلَ أرضَها بالأمَلِ
زيَّنَ كَلِمَاتِها بالحُبِّ
رَشَّ على جَوانبِها عُطرَ الياسَمينِ
حَمَّلهَا معانيَ بسيطةً
سَكبَ على رأسِها الحُلمَ
حَشَاهَا بِعباراتِ السَّعادَةِ
قَلَّدَها وِسَامَ النّصرِ
صارتْ تحفةً تَتَرَبَّعُ على المَنَابرِ
نَالتْ جائزةَ رئيسِ الدَّوْلَةِ
طُبِعَتْ في الكٌتبِ المَدرَسِيَّةِ
تَحَوَّلتْ نشيداً للتلامِيذِ
حُفِظَتْ عَنْ ظَهرِ قَلبٍ
غنَّاهَا المُطربونَ في المَهرجاناتِ
وُضِعَتْ شارةً للمُسلسلاتِ
على إيقاعِها نُصِبتْ رَقَصَاتُ الدَّبكةِ
قالتْ زوجتي :
- لو أنك كتبتَها كنَّا كَسبْنا النُّقودَ
قالَ النَّاقدُ :
- لَوْ كانتْ لكَ .. لكانتْ مقالتي عنكَ
قال القارئُ المُهتَم ًُ:
- أنتَ لا تَهبِطُ لهذا المستوى !!!
وَلَوْ أنَّكَ فَعَلْتَ ..
لكنَّا بَصَقْنا على الكَاتبِ.
إسطنبول