رعد الدخيلي يكتب
نحن نمسك بشاخصة القبر و ميّتنا مدفون في عمق التُّراب .. جسدٌ مسجَّى و جثةٌ هامدة لا تستطيع دفع ما وقع عليها.. عينان مسملتان لا ترى و فمٌ فاغرٌ لا يتكلَّم و أنف مفتوح لا يتنفس و أذنان متجهتان يميناً و يساراً لا تسمعان .. كم كان يحكي و كم كان يسمع و كم كان ينظر .. رجلان ممدودتان و يدان ملمومتان .. كم كان يمشي و كم كان يؤشر .. قلبٌ جامدٌ و رئتان ساكنتان .. كم كان ينبض و كم كان يتنهَّد بالحسرات على نعيم دنيا لم ينله .. مخٌّ ساكن لا يفكّر .. كم كان يدوخ بأحلامه و أشواقه و اشتهاءاته .. معدة متكوّرة متصلِّبة .. كما كان يركض و كم كان يكدح لأجلها ..
كل ذلك القوام إنثوى في حفرة ظلماء و تحللت أشياؤه ليعود أديماً إلى نشأته الأولى .. تاركاً دنيا من الذكريات و أزمنةً يذروها الأفول .. آمالاً عريضاتٍ و هموماً بدَّدتها لحظة المنون .. لم يمسك بكفيِّه شيئاً من طيور آماله سوى أملاً بالله ينقذه من نار أعدت للكافرين الظَّالمين الضَّالين .. لعلّه يحظى ببحبوحة جَنَّةِ الخلود ؛ فيعيش سعيداً أبدا !!!..