قصة حقيقية
الى روحها التي ستظل ترفرف حولي ماحييت
الطائلة..
زينب عبد الكريم التميمي
لم احس بثقلها وانا ابنة الستة عشر عاما وهي ترمي بنفسها فوقنا..
...لم اكن انا فقط..
كنا خمسة... أختي وأطفالها وأنا... تَجَمّعْنا ككومة قش في إحدى زوايا البيت .. فتحت ذراعيها كخيمةتظلل على ساكنيها محاولة
أن تحتضن خوفنا وطقطقة أفخاذنا وهي ترتعش مع أصوات صواريخ الراجمات التي كانت تسقط تباعا دون أي فاصل زمني بينها..
تمتمات القرآن... شفاه تحاول أن تبتلع الخوف الصامت في عيونها وتخفي رجفتهامهابة ان تفضحها امامنا.
ضاعت الرؤية مع ذبذبات الكهرباء التي كانت ترمش مع سقوط كل قذيفة... ودخان ذرات التراب التي كانت تتدفق مع كل اهتزاز للبيت... ظلمة... نور......... ظلمة... فنور فظلام دامس خيم على المكان...
احسست بقوة غريبة كانت تمتص خوفي حتى تلاشى شيئا فشيئا... احسست لوهلة إني ابتلعت هاجسه.. قلبي بدأ يبطيء دقاته التي كانت قبل لحظات كأنها قطار تتدفق ضرباته على سكة حديد متهالكة كنت اسمعها متداخلة مع ضربات قلبها المريض الذي كان يلامس أذني وهي تثقل بنفسها علينا.. بتفكيرها الفطري البسيط أن كلما زادت بثقلها حفظت سلامتنا...
زال الليل وتوقف القصف وزالت معه أشياء
كثيرة حتى أمي...
أربع وثلاثون عام وضغط ثقلها ذاك لم يبارحني... يضغطني كأنه الأمس يمتص دائما مني كل الخوف...
وأنا افتح ذراعيّ الان لأحضن قبرها رغم أنها لاتصل لتتسعه كله... أفكر! كيف كانت لتلك اليدين أن تمتد لتحضن خمسة اشخاص رغم القصر الواهن فيها....