الفيض الدلالي في قصائد ديوان :
( موعد تحت المطر ) للشاعر حيدر محسن الربيعي
كتب / الأديب الناقد والمترجم محمد العميدي
لرصد الخطاب الشعري للشاعر حيدر محسن الربيعي في ديوانه ( موعد تحت المطر ) ، ينبغي قراءة قصائد الديوان مرتين ، مرة من الداخل لتحديد سماته الفنية واللغوية ومرة من الخارج لتحديد ملامح الصور الفنية والصور البلاغية وتحديد عناصر الجمالية في قصائد الديوان .
تصدر الديوان اهداء جميل بأربعة ابيات أراه - كقارئ- ضروريا بوصفه عتبة نصية تشي بما تصطبغ به القصائد من روح انسانية واسرية مفعمة بصدق العاطفة وتوهجها . كما تصدرت الديوان مقدمة نقدية انتقائية لبعض قصائد الديوان للشاعرعبد الحسين الجنابي اشار فيها الى الاغراض التي كتب بها الشاعر واهتمامه بأختيار مفرداته التي تفيض بالحداثة . كما اشار الى ان الشاعرحيدر محسن الربيعي كتب قصائد الديوان بمختلف بحور الشعر العربي . وفي النهاية اثنى الشاعر عبد الحسين الجنابي على الشاعر حيدر محسن الربيعي واعتبر قصائده جهدا مائزا يستحق الثناء .
يضم الديوان بين دفتيه ثلاث وخمسين قصيدة عمودية تناولت أغراضا شتى من غزل وحكمة وشكوى ومديح وبمختلف البحور الشعرية . واغلب قصائد الديوان في الغزل ، وهي قصائد نسجها الشاعر حيدر الربيعي وفق مبدا الشعر الحديث ورمزياته مخاطبا محبوبته تارة ومتغزلا بها تارة اخرى . وفي كل حالة خطاب اومقطع في قصيدة تجد الشاعر إما حزينا أو رومانسيا .
وفي الديوان قصائد امتلكت كل مقومات الخلق الشعري . تتأرجح عناوين قصائد الديوان ما بين بقايا الرومانسية والواقعية . وأرى - كقارئ - ان الشاعر لايبحث عن قرّاء بقدر ما يبغيه في تعزيز عمق تجربته الشعرية والابداعية .
في لامية الشاعر ( قالت لنا ) اعتمد الشاعر تقنية الحوار الثنائي dialogue في كتابة قصيدته . واكثر قصائد الديوان كتبت بروي ( اللام) .
و قصيدة ( بليل غادرت) قصيدة شكوى مما يعانيه العاشق من الم البعد والفراق وما تدخرّه الذاكرة من ذكريات .
وقصيدة ( كن جميلا ) تفيض بالحكمة بتعبير شعري جميل و صور بلاغية يتصدرها التشبيه .
وقصيدة ( موعد تحت المطر ) التي تحمل عنوان الديوان هي القصيدة السكرى التي قال فيها الشاعر الفرنسي بول فرلين : " احب القصيدة السكرى، حيث يجتمع المحدد الواضح بالمبهم اللامحدود ". استخدم الشاعر فيها تقنية الحوار الثنائي وتقنية السرديةالشعرية التي تبدو فبها القصيدة انها من الشعر القصصي .
كتب الشاعر حيدر محسن الربيعي قصائده بلغة رقيقة تنساب في ايقاعات بسيطة و تناغم هارموني مايجعلها هادئة بسبب شفافية العبارات الشعرية وبعدها عن كل اشكال التعقيد .
وفي قصيدة ( رحيل ) الم ولوعة من الفراق . استخدم الشاعر تقنية استحضار الغائب بأسلوب الطلب راجيا الوصل والبقاء :
ياراحلا والروح تطلب مكث
يا من نأى عني وأنكر صحبتي
لم ينس الشاعر حيدر محسن الربيعي علاقاته الاجتماعية و حضوره الثقافي في مجالس الادباء الحلية فكتب قصيدة مدح تفيض وداً ومحبةً ( الى السيد حسام الشلاه ) الشخصية الاجتماعية الحلية التي تحظى بأحترام و تقدير الجميع مذّكرا بدور مجلسه الثقافي في تأسيس ثقافة حلية مائزة .
وقصيدة ( ضيف في الدنى ) من قصائد الحكمة تدعو الى التحلي بمكارم الاخلاق والشمائل العربية الاصيلة .
و اشعر -كقارئ- ان الشاعر مضطربا ويأئسا متعبا في قصيدة ( اذا غاب من تهوى) مشيرا الى الحال بعد فقد الحبيب .
وقصيدة ( ألفت السهد) قصيدة شكوى فيها من مفردات الشعور بالحزن والمرارة والالم .يبدو قنوط الشاعر ويأسه فيها جليا وواضحا
ألا ليت الدنى حالت هباءً
وليت الارض من حالٍ كعهنِ
كتب الشاعر حيدر محسن الربيعي قصائد الديوان بنفس الطول .لاتخلو القصائد من ملامح الرومانسية فنرى الشاعر وقد تشبث بالحياة داعيا الى التمتع بها وبمشاعر الحب .
تكمن جمالية القصائد في الصور الشعريةالتي تتكون في الذهن جراء الفيض الدلالي الذي تزخر فيه المفردات .
تنمو جماليات القصائد في اللغة الشعرية الفنية العالية عبر الوصف والاحساس .
اجاد الشاعر حيدر الربيعي بعرض قصائده بكثافة لغوية عالية من خلال شحن المفردات بأكثر مايمكن من الدلالات .
وفي الختام يمكنني القول بأن قصائد الديوان تبهرنا برشاقة المفردات الشعرية وسحر المعنى وسحر اللغة التي تتجلى اكثر في الشعر لوصف الشعر تكثيفا وتلطيفا للمعنى واختزالا للتجربة الانسانية التي تتراكم على مر السنين .