-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

(ملامحُ قصيدة النَّثر في نصّ "ينادي الرمل" ) كتبت / أ . فاطمة حيدر العطاالله . سوريا

(ملامحُ قصيدة النَّثر في نصّ "ينادي الرمل" )

كتبت / أ . فاطمة حيدر العطاالله . سوريا



- منذُ أيامِ "مجلة شعر" الصادرة عام ١٩٦٠ التي انتهى روادها إلى أشكال تعبيرية جديدة ، كالشعر المنثور ، أو النثر الشعري ، شهد الشعر العربي ثورةً على عمود الشعر في الموسيقا التي تشكل عماده ، وبما أنَّ قصيدة النثر جاءت جديدة المبنى على الشعر العربي ، فإنَّنا لا نغالي إذاما قلنا إن هذا النوع جديد على الأدب حتى هذه اللحظة ، وبالحديث عن قصيدة النثر نستحضر قصيدة الشاعر العراقي ، قصي الفضلي ، (ينادي الرمل ) التي يرصد فيها حالة وجدانية كبيرة تطوي ألف حالة أخرى تبرز تباعاً في النصِّ ، لتكون خير نموذج يؤرخ للحظة شعرية حارقة ، وبالانتقال إلى الكتابات النقدية ، فعندما كتبت "سوزان برنادر" في كتابها (قصيدة النثر من بولدير إلى أيامنا )، نراها اشتملت على أهم خصائص قصيدة النثر التي تشكل هذا الجنس الأدبي المختلف ، وأولها ما ورد عن الكلِّ الواحد أو ما يسمى (بالوحدة العضوية) ; فبناء قصيدة النثر بناء حداثي جداً اشتغل فيه رواده على جعل القصيدة كلَّاً واحداً غير قابل للتقديم أو التأخير أو الحذف بين مكونات الطبخة الشعرية الطازجة الانفعال ، ومثال ذلك في النَّص : (للفقراء ِ عندَ حافة ِ الضباب ِ مكان ٌ شاسع ُ الأماني شِرَاء ُ تَذَاكر ِ اغتراب ٍ ما هي إلا َّ تعاويذ ُمن وجهة الدهر ِ لا تنتهي بالسفرْ) - أمَّا الملمح الثاني فهو ملمح جديد يكاد يجعل النصَّ مفتوح الباب والنوافذ ، قابلاً للتفاوت ، والتأريخ ، مجانياً ، لازمانياً ولا مكانياً ، ليدخل نطاق اللاشكلية ، فهو لا يتخد شكلاً بعينه، كالتفعيلة والعمود ، هذا على صعيد الشكل ، وصعيد الاستيعاب الكلي لهذا الجنس الأدبي ، وخير ما يمثله في النصِّ قول الشاعر : (تذاكر ُ ليل ٍ تقبُضُ على جليد ِ أصابعهِم كصواعق َ من نخلٍ يابسٍ يرتكب ُ الصمت َ على هدير ِ خطواتِهم ... هنا ظمِئَ الوقت ُ لمّا يرتو.. ولمّا تكفهِ رشفة ٌ من عناقيدِ بلح ِ الشفاهْ) - أمّا الملمح الأهم فهو فحوى قصيدة النثر ، وهو الكثافة الشعرية ، القائمة على تقليص الكشف الشعري لاصطياد أكثر من معنى ، واتساع أكثر في البعد الفلسفي والشعري للجملة الشعرية وهذا من أهم الركائز بل تقوم عليه قصيدة النثر ، التي يقول فيها أودونيس : (كتلة من الإيحاءات قادرةٌ على أن تهزَّ كياننا) ، ومثال ذلك في النصِّ قول الشاعر مكثفاً: (ينادي الرمل ُ على الموتِ ململما ً صوتَه ُ المتكسِّر َ تحت َ قوادم ِ المساء ِ : كفى....كفى.... قد طفا على الشريان ِ تنهيد ُ الضحايا و مازال السفر ُ ينثر ُ على الضفة ِ الثكلى بالأرجوان ِ أرقامَ التائهين خلف آثار ِ الوطن) - وفي نهاية المطاف يمكننا أن ندرك الفرق بين الهدم والبناء الشعري ، الذي كان كل واحد منهما عماداً لجنس شعري ، فالتفعيلة قائمة على بناء الجملة الشعرية بدلاً من البيت ، أمَّا قصيدة النثر فقائمة على هدمه ، مع الحفاظ على شعرية المعاني وبذاختها ، وقد استطاع النّصُّ (ينادي الرمل) أن يستوعب كل تلك الخصائص الشعرية لقصيدة النثر العربية .

عن محرر المقال

aarb313@gmail.com

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية