-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

كان لي وطن... نص: أ. مصطفى الحاج حسين

 قصيدة: كان لي وطن

أ. مصطفى الحاج حسين



أحتاجُ لوقتٍ لأرتّبَ تشرُّدي

واضمّدَ سماءَ الفجيعةِ السّوداءِ

أتلمّسُ أطرافَ الهزيمةِ 

أتامَّلُ تقيُّحَ الرّوحِ  وثقوبَها !!!

وأدنو برفقٍ من قلبي 

كي لا أوقظَهُ عن نزيفِهِ وشرودِهِ

كانَ لي وطنٌ 

تمشّطُ الشّمسَ غُرّتَهُ 

يترقرقُ الضّوءُ في أزقَّتِهِ 

وتغرّدُ على أشجارهِ الأحلامُ 

يسبَحُ العشّاقُ على ضفافِ بسمتِهِ

ويكتبُ الشّعراءُ على جدرانِ سهوبِهِ 

وتتنزّهُ الصَّبايا في رئتيهِ 

لا يوجعُ أوردتي بالشّوقِ 

ولا يتضايقُ من الأحلامِ إذا اشتعلتْ 

ولا يدخلُهُ إلاّ من يطرقُ بابَه 

كانتْ سماؤُهُ تُكَلَّلُ بالشَّمسِ 

وتختالُ في فضائِهِ الغيومُ 

ثلجُهُ أبيضُ من ضُحكةِ الطّفلِ 

كانَ لي وطنٌ 

تربَّصَ بهِ الحقدُ !!!   

واعتلى الكُرْهُ أسطحتَهُ  

وانتشرَ الفزعُ ليسدَّ على النّاسِ أبوابَهُ  

وأطلَّ الجّحيمُ من نوافذِهِ 

فاغتُصِبَتِ البسمةُ  

وَزُهِقَتْ أرجاءُ الأمنياتِ 

تناثرَ الوجعُ في نبضِ القلوبِ 

وتهالكَتِ الأحلامُ 

فوقَ خرابِ الرّوحِ النّازفةِ   

وَزُجَّ الفضاءُ في قبوٍ خانقٍ 

جرحوا أفخاذَ الشّمس !!!ِ  

واقتادوا الضوءَ مثقلاً بأصفادِهِ 

علَّقوا الأطفالَ على شرفاتِ الصّقيعِ

كانَ لي وطنٌ 

سكنَتْ حدائقَهُ البنادقُ  

وارتفعَ صوتُ الكفرِ والمجونِ 

ليفجّرَ تسابيحَ المآذنِ 

وانتشرَ العَتْمُ في أسواقِها !!!

حيثُ باتَتْ أفرانُها 

توزّعُ على الجائعينَ الأسلحةَ   

يقضمُ الجّائعُ لقمةً من قهرِهِ 

يلتفُّ برعبِهِ ليطردَ البردَ 

عن دربِهِ العالقِ بأحلامِهِ 

رائحةُ الصّراخِ تنبعثُ 

من ساحاتِ الهزيمةِ الكبرى !!! 

أفتّشُ وجعي عن مكمنِ الجرحِ 

أسألُ الأيّامَ الهاربةَ 

عن سرِّ الفاجعةِ التي أطلَّتْ 

هل نشأتْ من أرضِنا ؟!

وهل نَمَتْ في محرابِ أحضانِنا ؟! 

طوبى لدمعٍ يطهّرُ جثّةَ الدّمِ 

الدَّمُ الهاربُ من أصابعِ الشّهيقِ

والنّازفُ من سقوطِ الياسمينِ 

كانَ لي وطنٌ 

يتّسعُ للماءِ والملحِ 

ويستقبلُ الضحكاتِ 

من أيِّ كانَ مصدرُها 

يزيّنُ طرقاتِهِ بالرّقصِ والأغاني 

ويشيٌدُ على روابيهِ 

قصوراً للحبِّ 

ليقيمَ فينا ما حيينا وما وُجِدْنا 

كانَ لي وطنٌ 

يرسمُ حدودَ كرامتي 

ويسوّرُ بالبطولةِ حرّيَّتي 

يَحرسُها 

كي لا تنسرقْ  *.


            

                       




عن محرر المقال

أحمد السالم

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية