ولادة مستعصية
قصة / أ . عامر ابوزيد قريصيعة - ليبيا
القصة القصيرة الفائزة بالمركز الرابع لشهر يونيو في المسابقة التي تقيمها رابطة فن القصة القصيرة
2020
ماذا يحدث في الخارج ؟ لم تجبني احاسيس أمي بشيء اليوم ، تساؤلات كل يوم كانت تتسرب اجوبتها إلي بشكل ما مهما كانت قاسية أو حزينة ، احس بالنعاس مع حركة متمايلة لشيء يحملنا ربما عربة كبيرة او مركب بالبحر او اي شيء يفتقد لطريق سهلة ممهدة ، غير ان ومضات من القلق والخوف والقلق مما يحدث في الخارج تطرد النعاس في كل مرة
اتذكر الآن بوضوح آخر قصيدة قراها ابي وتسللت إلى، بقدر مااعجبتني وقتها اكاد اجزم أنها سبب اعتقاله في يوم مشؤوم جاء فيمابعد ، متى كان ذلك لا أعرف، كنت ولازلت اجهل معالم الزمان مادمت لم ارى الشمس بعد ولا النهارات التي تحسبون بها الوقت ولا الليالي ، ما أعرفه ان امي جبلت على الحزن مذ حدث ذلك الإعتقال الذي غيب أبي ، توقفت الطريق اعتقد او انتهت لان التمايل والاهتزاز الذي كنت احس به لم يعد موجودا ، الأصوات ارتفعت بالخارج وتشابكت في خليط غير متجانس ، من خلالها بالكاد تعرفت على صوت امي الذي لم يكتفي الآن بنبرة الحزن بل صار يشوبه الكثير الكثير من الألم الواضح والانكسار، فيما بعد وبوقت طويل نسبيا ادركت اننا وصلنا الان إلى نقطة عبور واننا منذ بداية الرحلة قد تحولنا لمهاجرين او نازحين او مطرودين لاجدوى من البحث في الفارق !
انت متعبة لاشك يا امي ، وانا اتعبك أكثر، اوجاعك والامك تصلني الآن اشاراتها وتعودت عليها كماتعودت انت ، ذاك الفرح الذي كان لم يعد قائما البتة لا هنا ولافي خارج كيانينا ، مالح دمعك بزيادة وبه مرارة استطعمها واضحة - لم يعد حسبما اعتقد من داع لتعذيبك بي أكثر، فيكفيك عذاب الدنيا المحيطة التي حولتك من زوجة شاعر وطني مرموق إلى نازحة ومهاجرة تقيأها وطن -- لكن كيف لي ان اخرج الى دنيا موحشة قاتلة ومعذبة وسارقة وفاسدة وو ، ولماذا اخرج ومالذي ساضيفة لتفاصيلها التي امتلأت تماما بالدمار ؟ الحقيقة الوحيدة ربما التي اطمئن اليها هي هذا المخدع الذي استلقي به منذ متى؟- لا اعرف
نمت كثيرا بعد الرحلة سابحا بالمحلول الملحي الذي يحوطني - ولما استيقضت كان شيء ما يحدث بالخارج ادركت انه يستهدفني انا هذه المرة ، تراجعت للخلف الى أقصى حد وتمسكت اكثر بحبلي بل بحبلها السري لكن في لحظة احسست بانني نذل وانني تطرفت كثيرا في انانيتي - فماذنب هذه المخلوقة التي تحتويني حتى اطيل واستطيل الاختباء فيها وإلى متى ؟
في الخارج الذي اخافه - يسأل طبيب المهجرين:
منذ متى هذا الحمل؟
وتجيب أمي وهي مرهقة حد الألم : منذ وقت طويل
يتساءل هو غاضبا: اكثر من تسعة شهور؟
- : اكثر بكثير
-: الآن الآن يجب أن تخرج ايها الوغد