قصة قصيرة
بقلم: أ.إبراهيم الأعاجيبي
-----------
القارورة القبيحة
قررتُ أن أقبل بالقادم الجديد, عسى أن ينقذني من عنوسةٍ قادمةٍ لا محالة, كلهم يقبلون على طيب سمعتي, وشرفي, والدرجة العلمية التي وصلت لها, أنا كنت الطالبة الأولى في كلية الصيدلة, وكنتُ الأثيرة بين الأساتذة لنبوغي وذكائي, نساء منطقتنا تتمنى أن أكون زوجةً لأبنائهن لولا قباحة وجهي, العفة والشرف والنبوغ والدرجة العلمية صفات مغرية إلا أنها ليس كافية, كثيراً ما كان تأتي النساء لرؤيتي إلا إنهن حالما ينظرن وجهي يصبن بالتذمر, كأن وجهي مصدر شؤم لهن, ذات يوم أقبلت إلينا احدى النساء لتطلبني لإبنها , كأن ما أعجبها بي هو صفاتي الجيدة وعفتي وسمعتي وليس جمالي, ذكرت أمه صفاته لي, بأنه رجلٌ حادُ المِزاج, صعب المِراس, إلاّ إنه طيب القلب, اكتفيتُ بهذه الصفة الطيبة عسى أن تكون صدقاً, يأتي إلى أهلي ليراني ويقرر بعدها إن أكون قد أعجبته أم لا؟ إنه لم ينظر لي كثيراً, بل اكتفى بأن ألقى السلام, وأشاح بوجههِ عني, أيعقل أن يكون وجهي بهذا القبح الذي لم يتحمل رؤيته لثوانٍ معدودات ! أضفته إلى قائمةِ الرجال الذين رفضوني, إلا إنه لم يلبث إلا قليلاً حتى بعث أمه لتتفق مع أمي لتحدد موعد الخطبةِ, أصبتُ بصدمةٍ فيا ترى ما الذي أعجبه بي حتى يقبل مسرعاً دون أن يعيد النظر بخياره, أمي أرادت أن تزوجني لئلاّ تموت وأنا ما زلت حملاً ثقيلاً عليها, هكذا كانت تشعرني دوماً, وأشد ما كانت غضب منه أمي هو سماعها أن بنتاً تزوجت وبنتها ما زالت غير مرغوبة لدى الرجال, أسبوع واحد ويحدد به موعد العرس, لا أعلم كيف تمت كل هذه الإجراءات إلا إني كنتُ سعيدة جداً, سأكون زوجة وسينتهي هذا الهم الذي عبث بي سنيناً طوال, كلما رأيتُ صديقة لي تزوجت أعود وأندبُ حظي وقسمتي المشؤومة, أزف له بليلةٍ غاب فيها القمر, على الرغمِ من الميك آب الطافح على وجهي إلا إن وجهي ما زال لا يحمل من محاسن الجمال شيئاَ, أخذت أحاول أن أثير فيه أشياء أخرى, عسى أن ينشغل بها عن قباحةِ وجهي, أخذت أتغنج أمامه, رميت نفسي بحضنه, أخذتُ أحرك الساكن من شهوتهِ, وأحاول أن أحرك الجليد الساخن, أردت أن أكون وجبةً جاهزة للأكل, لكن يبدو أن لعاب شهيته لم تحركه مفاتني المتهيئة أمامه, بذلتُ كلّ ما بوسعي لأكون شهية طرية بين يديه إلا إن كل محاولاتي ذهبت سدى, لاحت علامات التذمر بوجهي وبانت عليّ أمارات الخيبة, يقررُ أن تكون الليلة تعارفاً, فرحتُ بقرارهِ لأني لا أريد أن أفقده, قضى الليل كله وهو يستعرض رجولته, ويملي أوامره, وأنا أجيب بكلمةٍ واحدة, نعم يا حبيبي, نمتُ ليلتي وأنا أتعس امرأة, في الصباح يستيقظ بدوني, تسألني أمي عن بكارتي فأجيبها بحسرة وألم, فلم أخبرها بأنه فاقدٌ لذلك الشيء, فهو عِنِّين لم أخبر أمي إنه لم يُطق النَظر لي حتى, بعد أن يغادر الناس وأهلي, يخبرني أنه قرر أن يسافر إلى فرنسا للدراسة, يودع أمه ويأخذ رضاها, ويمضي إلى سفرهِ غير عابئٍ بي, بقيتُ مع أمهِ أنتظر السنوات الأربع متى ستنتهي إلا إنه قد قرر أن يعيش هناك بعد حصوله على الجنسية الفرنسية، يتصل بأمهِ ليأخذه إليه, عدتُ حطاماً, بعدما كنتُ شجرة صلبة, حاولوا كسري كثيراً إلا إني كنتُ صامدة حتى رجعت أجرُ رداء خيبتي إلى أمي التي لم تتوان عن تأنيبي وتقريحي على خيبتي التي رجعت بها .

