ما زال يهدر ويصفر ويثمل في الأعماق
نص : أ . ✍🏻 صدام الزيدي
عزلتك التي تضاعفت بسبب من انكسار شبكة الإنترنت تحت البحر الأحمر، وفي تأملاتك الليلية التي أدمنتها، على مدى أسبوع من اختفاء مظلة بيضاء للمودم الأسود المثبت على جدار يترنح أمام روحك المهجوسة بطقوس التنكيل الأبجدياتي، وعلى مدى ذهابك وإيابك منك وإليك، بينما العالم محموم بأنباء تندلع كل ثانية غربا وشرقا؛ تجيء الآن إلى فيسبوك على متن طوّافة رقمية....
كان أسبوعا مرعبا، من الخميس إلى الخميس... تجربة مريرة تضيف إلى صدرك المملوء بأحجار الكتابة، بتات صغيرة من صنع الكارثة الطارئة، وبتات كبيرة من صنع الحرب، بكل عبثيتها وتنكيلها وترويعها وقسوة آلتها....
تركت الموبايل جانبا، لم تذهب إلى الشاشة المسطحة 14 بوصة كبديل مؤقت للفراغ الذي تحطمت أنياب الغياب قبالة شلالاته الساكنة، لم تقرر الموت أو استمرار الحياة في معملك الداخلي المنشغل بتأثيث الكتابة الجديدة، لم تنم بسلام، لم تبتسم لبشر، لم تذهب إلى نزهتك اليومية المعتادة قبيل الظهيرة، لم تشرق قيد غمامة انقشعت لتوها فاتحة المجال لضوء مجنون تستضيء به كلما تظاهر الناس بالخفة والهدوء والتعقل...
حطمت صنما جديدا في رأسك، ولأنك لا تهدأ ولا تكل ولا تملّ، أرسلت عظام العزلة لتتشرد في الزوايا، واقترحت على جمجمتك المتربصة بالفناء الجميل الذي يسكنك أن تصغي بإغراق تام لأغنيات كلما استمعت اليها زاد الأدرينالين انتفاخا في عروقك التي زرعتها آلهة الماء في كونك الشاسع، لتمنحك بدائل تعيدك من غربة وترممك من احتراق وتكتبك على ورق المدونة ما بعد إلكترونية باتجاه الله والغيوم والبؤس والتحدي....
لتكمل ليلتك حتى شروق الغد... لتحطم أصناما ألفت السكنى في هذا الرأس التكنولوجي بدم شاعر قروي يبيع منشوراته لحائط، يقول للعزلة: أنا هنا ركنك الجميل ونبضك المرير وقبلتك الأولى وقلبك الزهري وابن عينيك ومدون حشرجاتك الضوئية عندما داهمت الحرب البلاد، وعندما ترمدت الأقلام والأزلام ولاح خيط من دخان فضي عند أول التلال........
العزلة وأنت من صلصال مخبوء بين جبال بأقصى الفليبين.... وهنا تبدأ رحلتك الجديدة والطارئة لأن بلادك تمزقت أشلاء ولأن ضلوعك انزوت في خندق بعيد، ولأن 20 فبراير/ شباط 2020، ينتظر أناملك العنيدة التي كلما أغلقت الروح نوافذها المشرعة على سوق الصحافة، غامرت بابتكار عنوانها الأجمل. أنا ونوتة موبايلي و17 دقيقة بعد منتصف ليل السبت 15 فبراير، ننتظرك، أيدينا على الثلوج، أعيننا على زاوية جنوب شرق، أرواحنا على نبيذها المرتقب، كن هناك عندما تلتئم جبالك بأملنا الأخير، سنعانقك تحت البرج 6813.... كن نجمةً أو قصيدةً أو عنوانا ما زال يسافر في أغوارك السحيقة، لكنه من صنيع القيامات، تماما مثل إصبعك المحموم الذي صقلته آلهة الشواطئ من حطام أعاصير ضربت ما قبل انفجار الأرض، حين كان الماء في الأرجاء و"الرئيسية هنا" مطمورة بك......
*إدراج تاريخ:
١٦/٢/٢٠٢٠