داءٌ عضالٌ ... يهشِّمُ أباريقكَ ياوطني .. بقلم / مرام عطية
ياللألمِ !! ما يقتحمُ أحداقي ؟! داءٌ عضالٌ يأكلُ جسدكَ الأخضرَ ياوطني، يلتهمُ سنابلكَ الناضجةَ ، مرٌّ كالحنظلِ ، مقيتٌ كالموتِ ، ورمٌ خبيثٌ استوطنَ أحشاءكَ منذُ أمدٍ ، سرقَ نضارةَ وجهكَ ، وقدَّ ثمينَ كنوزكَ ، هشَّم أباريقَ الجمالِ ومرايا الأمجادِ المتبقيةِ من الحروبِ الطاعنة في التاريخِ ، و تمدَّدَ على ثراك الطاهر ، سرى كالدمِ في أوصالكَ . مذ تسلَّلَ إلى محرابكِ المقدَّسِ لصوصٌ جناةٌ ، ظننتهم أبناءكَ و هم حجارةٌ صماءُ، و صناديقُ محكمةٌ مملوءةٌ بالجثثِ النتنةِ و أمصالِ القيحِ الكريهةِ .
قدركَ الأحمقُ كقدرِ الأمهاتِ اللواتي ابتلينَ بأزواجٍ قلوبهم من فولاذٍ ، عيونهم من خشبٍ وآذانهم من صلدمٍ ، رجالٌ بعيدون عن مدائن الرجولةِ الأثيلةِ ، الأنثى في شريعةِ خريفهم الشتويِّ جاريةٌ لخدمةِ أهوائهم ونزواتهم أو للمتعةِ بألوانها القزحيةِ ، علتْ طحالبُ الركودِ أكبادهم ، يجلسونَ على أرائكَ تعبتْ من جبالِ أثقالهم ، لايتحركون إلا عندما تتعطَّلُ عربة الأسرةِ المثلومةِ عن السيرِ في دربِ الحياةِ المريرِ، كالدولابِ الخامسِ ، ويبدأ الصراعُ الأليم بغيابِ الدفءِ وبصقيعِ المشاعرِ ، فترحلِ النوارسُ إلى أماكن أكثرَ دفئاً، ينحتُ فيها الأبناءُ في الصخرِ وتستمرُ رحلةُ الحنينِ إلى حضنِ الوطن . فكيفَ لايشتعلُ الشَّوقُ في صدورِ الأمهاتِ ويبكي العمرُ ؟! ليتكَ ضممتهم إلى حضنكَ ياوطني حين كانوا بعمر الورد، وأغلقتَ مساراتِ الألمِ و الغربةِ .