-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

منحدراتُ التعاسةِ ... بقلم / مرام عطية

منحدراتُ التعاسةِ ... بقلم / مرام عطية

لاتسرقوا ماسةَ الثِّقةِ من أفئدةِ التلاميذِ ، قبلَ آخرِ غيمةٍ  أبويَّةٍ هطلتْ على أبناءِ الوطنِ  كانت المروءةُ  تتربَّعُ على عرشِ القلوبِ في سُلَّمِ القيمِ إلاَّ عند حفنةٍ من الطَّحالبِ  تعلو نفوساً آسنةًِ ، و تطفو كفقاعاتٍ فارغةً على سطحِ المجتمعِ ، كالزبدِ الذي تدفعهُ الأمواجُ باتِّجاهِ الرمالِ ، الغيمةُ الأخيرةُ شهقتْ حليَبها الحربُ الطاعنةُ في القبحِ ، طحنتْ قمحها رحى مريرةٌ ، علا أنينُ الزمنِ ، تثاقلتْ خطواتهُ ، على مسافةٍ ثلمٍ يشقَّ الخرابُ النفوسَ ، تنحدرُ الأخلاقُ ، الزروعُ الخضرُ تتقصَّفُ ، تلبسُ الأشجارُ ثوبَ الخريفِ الأصفرَ ، ياللتعاسةِ !! يعمُّ الشَّقاءُ ، يجرُّ الشتاءُ ذيلهُ على أخيهِ الربيعِ ، يأكلُ آخرَ الرطبِ ، جوعٌ في الأَرْضِ يصرخُ ، جوعٌ بين الضلوعِ يلتهمُ ضمائرَ البشرِ ، يحيلُ التَّاجرَ لصاً يسرق السَّنابلَ من فمِ  الجياعِ ، والطَّبيبَ جزَّاراً يبتاعُ سكينةَ المرضى وراحتهم من أجل لقمةِ عيشهِ ، والمعلمَ المربيَ ديكتاتوراً ، تارةً يسجُنُ عصافيرَه في زنزانةِ الخوفِ والرهبةِ ، و تارةً أخرى حداداً يحملُ مطرقةً عاتيةً يكسرُ بها قواريرَ الطفولةِ  الهشةِ المترعةِ بالطهر والبراءةِ ، ويروِّجُ لمستنقعاتٍ آسنةٍ من الضعفِ تحومُ حولها حشراتُ البؤسِ والرهبةِ منتزعاً لؤلؤةَ الثِّقةِ من نفوسهم .
الأجنحةُ التي كان يمنحها المعلمُ لتلامذتهِ على تلالِ العصرِ الذَّهبِيِّ ، معززاً قدراتهم ، مشجِّعا حسنَ المبادرةِ والتفكيرَ العلميَّ ، مدرِّباً إياهم على الأصالةِ ؛ ليحلِّقوا بها نحو النجومِ ، يحيلها جوعهُ الأعمى منحدراتِ تعاسةٍ وألمٍ تحفرُ في أفئدتهم خنادقَ رهبةٍ وفشلٍ رهيبةٍ، وسيلةً يبتاعُ فيها قوتهُ ، أو يدهسُ بسيارةٍ جديدة براءتهم ، ويحطِّمُ ماسةَ إبداعٍ لو أحيطتْ بالرعايةِ  من مناجمِ الوطن الحبيب . أينكَ أيُّها الغيمُ ؟ أينَ مدائِنُكَ الرحبةُ وشمسُكَ الدافئةُ ؟ هيَّا تماهى مع وقعِ أجراسِ الكنائسِ وأصوات المآذن ترنيمةَ صلاةٍ توقظُ الغافلينَ عن دروب الحقِّ ، اهطلْ كثيراً، عسى ترتوي النفوسُ الجائعةُ والأكبادِ الغرثى لقداسِ حنانٍ وقطراتِ حبٍّ ، رممْ يامزنَ الوطنِ هذا الخرابَ المتجهِّمَ في وجهِ الكونِ المحدَّبِ ، قوِّمْ اعوجاجَ ظهرهِ المتقوِّسِ ، و انقشْ ابتسامةَ الربيعِ على وجهِ الطُّفولةِ الشَّقيةِ  لتورقَ فينا الْحَيَاةُ  .
________

عن محرر المقال

Unknown

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية