عجلوا بتفعيل (( قانون السيطرة على الضوضاء )) .. كتب / أ. عز الدين المانع
تتصاعد حدة الضوضاء والضجيج في معظم أحياء العاصمة بغداد يوما بعد آخر دون أن تضع الجهات المعنية حدا للتخفيف من وطأتها , برغم تشريع القانون الذي يمنحها حق السيطرة على هذا الضجيج ويحد من ظاهرة الصخب والضوضاء ..
والضوضاء , كما يعرفها القانون الذي شرع في العاشر من شهر آذار عام 2014 خليط من الأصوات غير المرغوب فيها , وتؤثر على نشاط العاملين وأنتاجيتهم , فضلا على تأثيرها على السمع والجهاز العصبي وحواس الإنسان الأخرى ..
والضجيج يعني كل ظاهرة صوتية غير مرغوب بها بصرف النظر عن طبيعتها وشدتها .. وقد سنت قوانين حماية البيئة وهي تنص على أن تلتزم جميع الجهات والأفراد عند المباشرة بالأنشطة الإنتاجية أو الخدمية أو غيرها بالحد من إحداث الضجيج عند تشغيل الآلات والمعدات واستخدام الأبواق الصارخة ومكبرات الصوت بشكل فوضوي وعشوائي ومزعج , كما هو حال باعة الفواكه والخضروات والفلافل والمعجنات والحلويات وحتى ( شعر البنات ) وأصحاب الأكشاك والبسطيات التي تباع فيها(الحاجة بربع ) إضافة إلى باعة الغاز والنفط والرقي و ( عتيق للبيع ) بعد أن كانت مقتصرة على الجوامع والمساجد ومواكب العزاء , وصار استخدام هذه الأجهزة الصوتية المثيرة للأعصاب حالة سائدة برغم تشريع القانون الذي يفترض أن يسيطر عليها , وينظم استخدامها ويحد من ضجيجها وصخبها الناجم عنها , ويخفف من معاناة المواطنين وكآبتهم وضجرهم ..
وتؤكد البحوث العلمية إن 50% من حالات ارتفاع ضغط الدم ونقص النوم يسببها الضجيج الصادر عن حركة السيارات وأبواقها وهدير محركاتها المنهكة بما فيها الأصوات الناجمة عن الألعاب النارية التي تسبب الأذى للأطفال وتسبب الصمم المفاجئ من جراءها ..
ولم تقتصر محددات الضوضاء والضجيج على ما نص عليهما القانون المشرع حديثا , وإنما أكد عليها الدستور العراقي الصادر عام 2005 حيث نصت الفقرة ( أولا ) من المادة ( 33 ) منه على أن ( لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة ) ..
لقد كانت السلطة البيئية قبل تشريع ( قانون السيطرة على الضوضاء ) تلاحق المعامل الصناعية والورش الفنية ومعامل النجارة والحدادة التي تسبب الإزعاج , وتحرص على منع الأذى عن المواطنين وتأمين الراحة لهم في منازلهم ومواقع عملهم وتمنع تأسيس أو إنشاء المعامل والورش الصناعية الإنتاجية داخل حدود الأحياء السكنية أو بالقرب منها حفاظا على راحتهم وعدم إزعاجهم , وحمايتهم من التلوث البيئي الذي ينجم عنها .. أما الآن وبرغم تشريع القانون الذي يفترض أن يكون صارما وحازما في وضع حد لمل يحصل حاليا من ضجيج وضوضاء وصخب , فإن العكس هو الذي نراه , فقد تجاوزت الظاهرة هذه المحددات التي وردت في القانون .. فضجيج مكبرات الصوت وأجهزة ( السبيكر ) المحمولة راحت تستخدم من قبل باعة الأرصفة والأسواق الشعبية والباعة الجوالين وسائقي عجلات توزيع الغاز وغيرهم بكثافة , وصار من المستحيل أن يحتفظ المرء بسكينته وهدوئه وهو يهيم في هذا الوسط الصاخب والمجنون الذي لا يمكن تحمله ..
فلا بد إذا من الإسراع بتفعيل ( قانون السيطرة على الضوضاء ) ليضع حدا لهؤلاء المخالفين الذين يمارسون الأساليب الفوضوية وغير الحضارية التي تسبب الضجيج والهرج والمرج وتلوث البيئة , سواء في الأسواق الشعبية أو داخل الأحياء السكنية وقرب المستشفيات والمدارس والمعاهد ودور العبادة , وحتى في مركبات النقل الخاصة والعامة وفي كل مكان .