يكاد أن يلقي حجرا في نص.
يتطلع من نافذته إلى طوفان اغرق ذاكرته بالحبر و امتد بيومياته على ورق أبيض كأنه ملح البحر. نظر إلى صيادين يعودون بأفكار كثيرة بدلا من السمك، تراءت له الأشرعة اكفان غرقى، تذكر أنه نجا باعجوبة من الكتابة بدلا من الغرق بماء، هو لا يشبه نفسه اليوم، ولن يشبهها أبدا مادامت هذه النافذة مشرعة على ذاته، حاول أن يخفف من غلواء هذا التيه للتأمل في الجثث التي سقطت من تلك النافذة.
هو واحد منها وشريك في هذا الانتحار الذي يفاجئه على غير العادة.
لطالما سقط وكرر السقوط في عادته التي تشبه صيد سمك ميت، ومثلما الموتى هو يحاور نفسه مثل واحدة من تلك الاسماك التي خلفتها الشباك لتطفو فوق الصفحة.
يستعين بذاكرته كأنها شبكة لم يعبث بها الطوفان، يكاد أن ينجح بين دفتي حبره الذي جف في حنجرته، ابتلع الطعم،
الصنارة في حلقه مثل علامة استفهام، مازالت هي نفس العجينة التي يحتالون بها على الكلمات، ونفس الخيط الذي يشبه السطور. ترك النافذة، عاد من ذلك الاستغراق،،هم بالكتابة،
غير أنه لم يستغرب أبدا، و إن كان ذلك مستحيلا، أنه لم يجد يديه على الطاولة.
علي جاسم الفيصل / العراق.