انتماء
شدّت حزامها واحتضنت ربطةَ خبزها ورفعت يديها وقالت:يا رب!
أم رشيد كغيرها ممّن عشنَ كارثةَ نكبة عام 1948 ..تصرّ على أن لا نكبةَ بعدها..ومحنةُ مخيم اليرموك ما هي إلا لعبُ أطفال كما يوحي لها سبعينات عمرها..لذلك اصرّت على العودة بعدما عجز اولادها بإبقائها بينهم في مهجرهم الجديد قرب دمشق....انتصرت أمّ رشيد على عجزها وحققت أوّل هدف في مباراتها مع رحلة البقاء في المخيم..استوطن حبّ المخيم فؤادها واعاد نسيمُ المخيم حيويتها..فتحت باب بيتها وتأملت محتويات البيت وقالت:(أي هه..متل بيتو الواحد مش راح يلاقي)...استقبلت صوت ابنها عبر جوّالها بزغرودةٍ فرحت لها شوارعُ المخيم الهادئة كغير عادتها والحزينة بفراق الأحبّة وقالت:(يمّا..ما تاكلوش هم أنا ببيتي وهياني بدي اطبخ كمشة برغل وشويّة ملوخية بين ما يصير الفطور ...سلّم على اخوتك ..يمّا...)حاول اللصوص اتّباعَ كل أساليب التخويف والرعب لإجبارها على المغادرة لكنها بقيت تردّد آياتٍ قرآنية استعداداً لاستقبال يوم رمضاني جديد....قطع رنين جوال ابنها اتصالها مع ربها للحظات متمرّدة استمطرت سحب الغدر واللاإنسانية والوحشية...تحشرجت مفردات ام رشيد واستباح انينها كلّ مفردات الإنسانية ليختزلها بكلماتِ وداع : (يمّا..ما تقبرونيش غير بالمخيم)..
* صلاح الأسعد / دمشق