♧شذرات نثرية ♧
♧ غواية حرف ♧
مرَّةً كنتُ أكتب مرَّةً قصيرةً بعدَها صرتُ أبكي صيرورةً طويلة مرَّةً جرَّبْتُ أنْ أكتب و منذئذٍ لا زلتُ أبحثُ عن دواءٍ يكفيني شرَّ هذا الإدمان كتبتُ مرَّةً كوصفةٍ من عاشقٍ فاشلٍ لرجلٍ مصابٍ بالأرق فاحترقَ النومُ للأبد أحببْتُ أن أكتبَ لأنَّ مُلهَمًا قالَ لي: أنْ تكتبَ يعني أن تكون حرًّا و في تلكَ اللحظةِ غدَوْتُ أرسفُ في قيودٍ تحزُّ معصَمَي روحي الكتابةُ شكلٌ واحدٌ للحياة و أشكالٌ عديدةّ للموت سقطتُ مرَّةً في بحرٍ من الحروفِ النورانيةِ فالتقمَني حوتٌ من قضبانِ عتمة فتحتُ قلبي لحرفٍ شقيّ فارتكبْنا معـًا الإثمَ و أنجبْنا أبناءً غير شرعيِّين تسجّلُهم كلُّ البلادِ مكتومين مرَّةً كتبتُ فأصبحتُ عصفورًا حرًّا حرًّا..حرًّا يحلّقُ في قفص مرَّةً كتبتُ فانهالَتْ معاوِلُ عتيدةٌ و أُخَرَ رديئاتٌ على حروفِي شجَّتْ رأسَها فانثالَت دماؤُها إلى الّلاشيء لكنَّ حروفيَ لم تَثُبْ إلى غيّها و عادَتْ من جديدٍ إلى المعركة مرَّةً كتبتُ و كنتُ قد اختبأْتُ وراءَ ظلِّ امرأة فإذا المجدُ يدندنُ معزوفةً في حِماي مرَّةً كنتُ على شَفا هاوية فكتبتُ و تعلّقْتُ بقشَّةِ كلماتي فرأيتُ الموتَ في القاعِ يقهقهُ لغبائي لا تكتبْ حينَ تشتدُّ الرِّيحُ فإنّها لا تؤمنُ بالقصائدِ الخرقاء قالَ لي أبي الّذي لا يحسنُ الكتابةَ مرَّةً: اكتبْ فإنَّ الصفحاتِ أفضلُ ذاكرةً من الولد .
د. عبد المجيد أحمد المحمود /سورية

