-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

قراءة نقدية /ققج { رحيل }للكاتب صبحي الحمود/ بقلم الأديب نجيب صالح طه / اليمن

 



قراءة نقدية

للنص الفائز بالمرتبة الأولـــــــــــى في المسابقة الدورية رقم 9 لعام 2022 للكاتب والأديب/ 

صبحي الحمود. والتي أقامتها الرابطة السورية للقصة القصيرة جدا.


بقلم : أ/ نجيب صالح طه ( أمير البؤساء)_ اليمن.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولا : النص 

رحيل 

امتطى ظهر حصانه مبكرا وخرج

أقسم أن يسير خلف ظله حتى آخر الدنيا

في المساء وجد نفسه على مربط الفرس. ------------------------------------------------- 

ثانيا : الجو العام للنص 

نص قصير جدا، فائز بالمرتبة الأولى عربيا، بألفاظ سهلة وواضحة جدا، غير أنها تحمل طابع المشاهدة الفكرية لواقع عربي مؤسف جدا على الصعيد السلوكي الشخصي للفرد العربي،أو البعد العربي الجمعي بلغة القصة القصيرة جدا والخاصة بالكاتب / #صبحي المحمود

 والمؤمن بأن القصة القصيرة جدا،لا تعني كثافة الأسطر وكثرة التفاصيل ،والجزئيات بقدر ما تعني التكثيف، والاختزال للمعاني الكثيرة، والعميقة بلغة خاطفة وقصيرة جدا، فعلا وشكلا ومعاني كثيرة، ونجد ذلك في معظم كتاباته.

القصة راقتني كثيرا، ومن حينها وأنا أتحين الفرصة لقراءتها،وأستطيع من خلالها الاستدلال على أمرين اثنين:

١- أن القصة القصيرة جدا قد تصنع من ألفاظ وعبارات سهلة وواضحة فتحصد المراكز الأولى،إن أحكم بناؤها كما في قصته هنا،

٢_ أن الغموض والتقعر البلاغي المتكلف ليس بالضرورة، أن يكونا جناحي القصة القصيرة جدا ،كي تحلق وتستبق غيرها،وأن ثقافة الكاتب واطلاعه على موروثه الثقافي، قد يساعده أكثر على السمو وإحراز مراكز متقدمة، في المسابقات وهذا ما لمسته من حصوله على المراكز الأولى وبنفس الأسلوب تقريبا وهو من السهل الممتنع إلا على خبير.!


ثالثا: القراءة

(امتطى ظهر حصانه مبكرا، وخرج، أقسم أن يسير خلف ظله حتى آخر الدنيا، في المساء وجد نفسه...).

حتى الآن أخي القارئ قد تجد نفسك أمام صياغة، عادية وسهلة وفي مقدرور الجميع فهم ذلك وكتابة مثله...!

وهذا صحيح في الظاهر،

لكن تعال معي نقرأ معا ذلك السطر :

ولن أفسر هنا معنى الامتطاء وهو اعتلاء المركوب من سفل لعلو بخفة وسرعة تتشارك فيه _ غالبا جميع أجزاء الجسم بمرونة حركية مستجيبة لإشارة دماغية ما،

كان بالإمكان أن يختار : بعيره، جمله، ناقته، حماره، دابته..

لكنه اختار حصانه.

#والحصان دلالة عز ومجد، وأصالة،وحروب، وحضور قوي في الذاكرة العربية، بل أنه مطية التاريخ العربي المبكر جدا وحتى اللحظة، بفارق كبير بالطبع بين كونه وسيلة وصول وعبور ونصر في الماضي والحاضر، أو عدمها، غير أني كنت أفضل حذف كلمة ( ظهر)، فلن يتغير المعنى إن قلنا : امتطى حصانه، وخرج.

#وخرج.

العطف هنا ليس معيبا بقدر ما هو ميزة وهو متعذر التكرار للعامل ومنتهٍ بجملة حالية محذوفة، خرج هادفا، قاصدا، ناويا، عازما...إلخ


أقسم أن يسير، خلف ظله حتى آخر الدنيا.

عهد ووعد (أن يسير) (خلف )

الله !

كان الزمن ماضيا ( امتطى، خرج، اقسم)، وأصبح ( أن يسير) و ( خلف). 

هههههه

ضحكت هنا بجد براعة فائقة في صنع المفارقات الزمنية والفعلية يسير الآن للوراء، والعجيب أن أقسم وعاهد الله على ذلك !

ليس كل سهل سهلا، كما نظن، فقد يتعذر على أكثرنا صناعة تلك المفارقة الأكثر من رائعة الموحية بالسخرية أيضا.

الظل

الماضي، التاريخ، الأحداث، الشخوص، المأثور بصوابه وخطأه، القادة، كل ظل تاريخي للحصان قديما، بإيحاء لبقائه في الحاضر المصطحب له أصلا...

ومابين البكور التي فارقها المساء وقت الغروب وبدقة..

وجد نفسه على مربط الفرس..

هههههههه

هنا قمة الإبداع للتوظيف الثقافي :

#مربط الفرس

ترحيل مسؤوليات الحاضر على الماضي والتسويف المستمر والتقدم للخلف جعل الفارس نفسه على مربط الفرس...

أين الحصان إذن ؟

ذهب، سرق، قتل، فليس عصره، وربما أحلامه وأمانيه التي جعل منها فرسه لم تعد موجودة بخرها الليل..

#مربط الفرس..

تجويفان متقابلان ينحتان في صخر،أو جبل،أو جدار،أو مغارة، يمرر من خلالهما حبل يربط به الفرس، والدابة عموما،ومشهور الاستخدام لدى العرب منذ قصة صاحب خيل ( الشهيلة)، التي بحثت عنها قبيلة الأساعدة وأعادتها لضيفها بعد سرقتها، وتم ربطها ومنذ ما قبل ذلك والعرب تضرب المثل بمربط الفرس.

#مربط الفرس هو عينه في الثقافات الرومية،والبيزنطية وهو دلالة الكنوز والقبور والفناء والمدافن والدفن...إلخ

وجد نفسه على مربط الفرس..

هل أصبح هو الدابة المربوطة ؟أم أنه قد رحل ودفن هو أيضا؟

أم أنه محور الارتكاز والسبب في مصيره ؟

كل ذلك وارد ومقبول في ( رحيل)، التي استحقت المركز الأول، وعن جدارة، وبخاصة وأن مربط الفرس دلالة مكانية لعبت دورا جميلا وطريفا،وهادفا في نهاية مدهشة،وقفلة محكمة جعلته مربط الفارس!

وفي نفس الوقت، مازال وراء مربط فرس ( رحيل)، حكايات أخرى.


القصة تقول لنا :أقرؤا تراثكم أيضا فلولا اطلاع الكاتب على تراثه الثقافي والتثقيف العام لما كتب أيضا مثلا لا حصرا : ندامة الكسعي، زرقاء اليمامة،ميثولوجيا، جينوم...الخ

فهذه ليست شفرات معقدة تحتاج لتفكيك،على رأي نقاد الجفاف والجهل الثقافي والفكري هذه الأيام !

أرجو أن تكون محاولتي المتواضعة هذه قد كشفت بعض جوانب ما خلف ذلك السطر الخاطف والهادف... والأمر متاح لقراءة أخرى إن وجدت.

تمنياتي للكاتب بالمزيد من التقدم والألق.

أ. نجيب صالح طه/ اليمن 

عن محرر المقال

ندى خليفة

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية