أنا والرأس والكتب
للشاعر العراقي فارس عودة
![]()  | 
| فارس عودة  شاعر وأديب عراقي  | 
في ليلةٍ مع الرأسِ
كنا نبيتُ جياعاً،
وعُطاشى...
جياعٌ إلى النفيرْ،
إلى تمرُّدِ الحياةِ على الموتْ
إلى الثورةْ.
وعُطاشى إلى النصرِ،
إلى وقدةِ الثأْرِ
كعاصفةٍ شمسية.
والرأس يَرمُقنا
فتنتشرُ الكلماتُ كالسديمْ
أو تصيرُ أياديَ
فتَفتَحُ في ثغرِ كلِّ شيءٍ مَكتبةْ
المكانُ كتابْ
الزمانُ كتابْ
نحيبُ الجسدِ تحتَ سوطِ الجلادِ
كتابْ...
فورة العنق تحت سكين القاتل
كتاب...
َواعية الرحم في حرقة الغصب
كتاب...
غطرسة الجوع في أحشاء محروم
كتاب...
محرقة الحسرة في صدر اليتيم،
كتاب...
شكاية المعلول منهوب الدواء،
كتاب....
ونجتمع أخيرا
أنا،
والكتب ورأس الحسين
كحلَقَةِ تلاوة قرآن
كاجتماع الحسين
في خيمة الثورة
نرتل الرفض
وتتبلور الثورة
ويزحف الركب نحو الكوفة
ويجعجعه المسوخ
إلى كربلاء أخرى
وتصهل الخيول
ويُقطعُ رأس الأملِ
أو رأسُ الرسول
والكتب في فلاوت الضمير
تهيم شريدة
وتَسحق الخيل صدر المروءة
وكسرات أضلع العدل
يضرب صداها
في تخوم ضمائر مهجورة
ونعود مرة أخرى
أنا والكتب
نجتمع عند الرأس
عند رماد الخيام...
آه من الخيام
آه من الأيتام...
نجتمع والرأس
يشتت عينيه
بين اليتامى والخيام
ويسرق أبناء الله قرط العراق!
فنرتل، أنا والرأس والكتب
وإذا المغدورة سئلت
بأي أقنعة كفرت
لأي عرش قهرت
وإذا الصحف زوّرت
وإذا القبور
في الصدور حُفرتْ
أذّن الرحيل
وللثورة نبت وجه آخر
ويعود الطف من جديد
ويُسرَقُ لله قرطٌ آخر!
ونعود،
أنا والرأس والكتب
نستنهض القبور
ونفلح من كل ذاك
بشيء وحيد
رجع صدى بعيد
أهازيجنا
آهاتنا
أعني أنا والرأس والكتب
ونهتف بصدى جديد
وكربلاء جديدة:
"باسم الدين باگونه الحرامية"

