قراءة انطباعيّة ..بعيدة عن النقد ..
للقصة القصيرة ..التي لاعنوان لها ..
للكاتب المتألق محمد يوسف ..
كتبت : الروائية الأستاذة Amal Maghakian
لن انكر السبب الحقيقي الذي جعلني أضيء على هذه القصة بالذات ...مع ان للكاتب كتابات اروع وأعمق ...فبالإضافة لأسلوب القاص الجميل وإحساسه العالي في كل مايكتبه..
إلّا أنني قد ذقت طعم الموت الذي شرحه في القصة ..خصوصا بعد فقدي لأخي الأصغر ..والذي مازال طيفه
عالقا بي حتى اللحظة ...
........
هي حالة التعبير عن نكهة الموت بكل حالاته ..المادي والمجازي والعاطفي ..وأن من يفقد عزيزا كمن فقد جزءا من كيانه ...فحين تكون متأهبا لمعانقة شخص كان قد غاب عنك زمنا ...بغض النظر عن ماهيته صديقا كان او قريبا او حبيبا ..
يصعقك موته المفاجىء(عنك او منك ) قبل الوصول بخطوة..وكأن الموت لايحصد من نحبهم إلّا عند احتياجنا لهم وبشدة ..وكأنه زائر اَخر الليل ماأن نفتح له بابنا حتى يطعننا على حين غفلة ....يتركنا مضرجين بدماءنا لينهب خبزنا وماءنا ويمضي ...
من مشاهد الاشتياق قوله : تخيل كيف ستكون سرعة خفقات قلبك وهي تزداد من شدة شوقك إليه ..وأجنحتك ترفرف من شدة السعادة ..تراقب قدومه بلهفة العطشى للماء ...
تنتظر لحظة دخوله لتلقي بنفسك عليه ...
لفت نظري ايضا ..قوله : بينما يمر من امام عينيك صندوق اسود تحمله عربة نقل الحقائب ..لكنك لاتعره أي اهتمام لأنه ليس هدفك ...!!
لا يوجد انسان لايشعر بالتعاطف مع حالات الموت ... ولكن هنا أشعر وكأن كاتبنا أراد أن يشير لحالة الشوق الكبير الذي الهاه عن احزان الغرباء ..وان الحزن الخاص يختلف كثيرا عن الحزن العام ...على حسب قول الشاعر الكبير كريم العراقي ..
لايؤلم الجرح إلّا من به ألم ...
ليجيء المقطع التالي مؤكدا ماسبقه...
ستجد ذاك الصندوق الاسود ينتظرك ويداخله جثمان مغلف بلا ملامح وهو يحمل اسم غائبك المنتظر ...فهل هناك طعم للموت أكثر من هذا الطعم ...
متى يصبح الجثمان بلا ملامح هل ياترى كيفية الموت الذي غيّب الملامح ..ام انه صندوق ذاكرتنا الأسود الذي تغيب عنه
ملامح من رحلوا عنا او منا ؟؟!!
هل ذاكرتنا العميقة مقبرة ياترى لكل من مرّ عليها في الاوقات
الدامسة...وهل تطفو بعض الجثث على سطحها بين الحين والاَخر ...وهل أذا تسنى لنا آعادتها للعمق وطمرها من جديد
سنرتاح ام أن عمليات الحفر والغطس والطمر ستؤلمنا حدّ الوجع قبل الدفن وبعده ...
ذكر الكاتب الطعم والتذوق..للتعبير عن نكهة الموت ...
لكنني كنت اتمنى لو ذكر كلمة يذوق بدلا من يتذوق ...فالفرق شاسع بين المعنيين ...ويذوق معبرة عن الحالة ايما تعبير ..
ربما الكاتب أراد أن يصل المعنى لكل قارىء من ناحية ..ومن ناحية أخرى ربما المعنى المادي للصورة ..الا وهي الرغبة الدفينة لاحتضان الغائب / ة والشوق الكبير لملاقاته/ ها ...وملء القلب والعيون برؤياه/ ها .لذلك اختار الطعم والتذوق ..فلا ضير ايضا ..!!! وهي تعني الرحيل عن لا من ..
ولأن الميت لايعود...لكن الراحل قد يعود ...
فهاهو ملك الهايكو في حالة الترقب والانتظار لعودة الغائب / ة ..يقول :
خلف نوافذ الشوق
عيون دامعة ، تترقب ،
عودة غائب !!
قبل الختام ...نرى أن الصديق لم ينبت ببنت شفة ..
لأنه في حضرة الوجع الصمت أبلغ من الكلام ...
ختاما ...
لست ادري ماسبب عدم عنونة القصة ...وربما الكاتب ترك للقارىء مساحة ليضع لها العنوان المناسب ...وربما السؤال في بداية القصة كان العنوان ..!!
حين أردت أن أأطر المشهد وأضعه كلوحة امامي ...برز لي رجل وهو يحاول أن يسلخ عنه ذاته ليقابلها وجها لوجه فكانت الصديق الذي يحاوره...(وهل هناك من هو مخلص ووفي أكثر من الذات القابعة فينا ) ...نجد في زاوية الصورة رجلا حزينا متألما..وقسمات وجهه دالة عليه ..وفي عينيه دمع يأبى السقوط ...يضع يده على خده وقد اتكأ على جذع شجرة عتيقة ..أضناها هرم المتكئين عليها ...ينظر نحو المغيب بمزيج من الأمل واليأس ...راجيا ألّا يطول بزوع الفجر .....
......
اتمنى لكاتبنا المتألق كل النجاح والتوفيق
و إليكم نص القصة.
***
سألني احدهم قائلاً..
- لماذا تصف الأحياء بالأموات '
وأنت تعلم أن للموت طعم لم يتذقه الأحياء؟؟ !!
فقلت له : هل تريد أن تتذوق طعمه ؟؟
قال : كيف أتذوقه وأنا لم أمت بعد !!
قلت له: أغمض عينيك وعش المشهد بكامل احساسك ''
-فقط تخيل...تخيل أنك تسير على طريق بسرعة البرق ،
ذاهب لأستقبال شخصاً ما عزيزاً على قلبك '
ربما يكون أخاك ..أو أبيك ..أمك ..أبنك ..
وهو عائد من غربته بعد غياب طويل،
تخيل كيف ستكون سرعة خفقات قلبك
وهي تزداد من شدة شوقك إليه ،
ستجد نفسك وقفا أمام باب االعائدين
وأجنحتك ترفرف من شدة السعادة،
.. ستراقب الوجوه العائدة بلهفة العطشاء للماء
وأنت تنتظر لحظة دخوله لتلقي بنفسك عليه ''
بينما يمر من أمام عينيك صندوق أسود'
تحمله عربة نقل الحقائب ''
لكنك لا تعره أي إهتمام لأنه ليس هدفك '
ستبقى عيونك شزراء تحدق نحو الباب..
وهكذا إلى أن تدخل جميع الوجوه صالة الاستقبال ''
إلا الوجه ألذي تنتظره لم يدخل بعد ''
سيغادر الجميع وتبقى وحدك هناك تنتظره'
ثم تسمع صوتا من المكبر يذكر أسمك''''
- { يرجى من السيد فلان الفلان}
{ الحضور لغرفة لأمانات حالاً }
ستأخذك الحيرة والاستغراب ،
ستسأل نفسك ألف سؤال وسؤال..
.. ما الأمر..ماذا هناك..؟؟
ستسير بخطوات مثقلة وعيناك تنظر للخلف ''
ستصل غرفة الأمانات وأنت بكامل الذهول''
ستجد ذاك الصندوق الأسود يتنظرك
وبداخله جثمان مغلف بلا ملامح
وهو يحمل أسم غائبك المنتظر ..¡¡
- فهل هناك طعم للموت،
أكثر من هذا الطعم .؟؟
****
خلف نوافذ الشوق
عيون دامعة ' تترقب ،
عودة غائب ¡¡
6/7/2021
محمد يوسف

