-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

 أ. د. لطفي منصور ومقال عن الشّاعِرَةُ الْعاشِقَةُ لَيْلَى الْأَخْيَلِيَّ

 أ. د. لطفي منصور

الشّاعِرَةُ الْعاشِقَةُ لَيْلَى الْأَخْيَلِيَّة:



هيَ لَيْلَى بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّحالِ الْأَخْيَلِيَّةُ، مِنْ بَنِي عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ (ت نَحْوَ ٨٠ هج) شاعِرَةٌ فَصِيحَةٌ ذَكِيَّةٌ، اشْتَهَرَتْ بِأَخْبارِها مَعَ عَشِيقِها تَوْبَةَ بْنِ الْحُمَيِّرِ الْخَفاجِي، وَلَها فِيهِ مَراثٍ كَثيرَةٌ، وَفَدَتْ عَلَى مُعاوِيَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْحَجّاجِ وَنالَتْ عَطاياهُم.

أمّا تَوْبَةُ فَهُوَ “فَتَى ألْفِتْيانِ ، وفارِسُ الْعَرَبِ” شُجاعٌ أبِيٌّ كَريمٌ، عَفيفٌ كَالْعُذْرٍيِّينَ. عَشِقَ لَيْلَى وَعَشِقَتْهُ، وَقالَ فيها شِعْرًا وَاشْتَهَرَ، وطَلَبَ يَدَ لَيْلَى فَأَبَى والِدُها أنْ يُزَوِّجَها لَهُ، وَزَوَّجَها لِرَجُلٍ آخَرَ، عَلَى عادَةِ الْعَرَبِ، لَكِنَّهُ بِقِيَ يَزورُها وَيَخْتَلِي بِها، رَغْمَ أنْفِ قَوْمِها وَزَوْجِها، إلَى أنْ قُتِلَ في إحْدَى الْغَزَواتِ، فَأَخَذَتْ لَيْلَى تَبْكيهِ بِشِعْرٍ يُذِببُ الصَّخْرَ حَتَّى ماتَتْ عَلَى قَبْرِهِ نَحْوَ سَنَةِ (٧٥هج).

مِنْ شِعْرِ لَيْلَى في تَوْبَةَ: الطَّويل

- أَقْسَمْتُ أَبْكِي بَعْدَ تَوْبَةَ هالِكًا

                   وَأَحْفِلُ مَنْ دارَتْ عَلَيْهِ الدَّوائِرُ

- لَعَمًْرُكَ ما بِالْمَوْتِ عارٌ عَلَى الْفَتَى

               إذا لَمْ تُصِبْهُ في الْحَياةِ الْمَعايِرُ

(المعابر: العارُ والْخِزْيُ)

- فَلا الْحَيُّ مِمّا يُحْدِثُ الدَّهْرُ سالِمٌ

        وَلا الْمَيْتُ إنْ لَمْ يَصْبِرِ الْحَيُّ ناشِرُ

(النُّشورُ: الْقِيامُ مِنَ الْقُبورِ)

- وَكُلُّ شَبابٍ أَوْ جَدِيدٍ إلَى بِلًى

            وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمًا إلَى اللَّهِ صائِرُ

فَلا يُبْعِدَنْكَ اللَّهُ يا تَوْبَ هالِكًا

       أَخا الْحَرْبِ إذْ دارَتْ عَلَيْكَ الدَّوائِرُ

(تَوْبَ: تَرْخيمٌ لِلتَّحَبُّبِ)

- فَأَقْسَمْتُ لا أَنْفَكُّ أَبْكِيكَ ما دَعَتْ

                عَلَى فَنَنٍ وَرْقاءُ أَوْ طارَ طائِرُ

(الْفَنَنُ: الْغُصْنُ؛ الْوَرْقاءُ: الْحَمامَةُ الْبَرِيَّةُ)

وَلَمْ تَكُنْ لَيْلى الْأَخْيَلِيَّةُ قَريبَةً لِتَوْبَةَ، لَكِنَّها كانَتْ تَعْشَقُهُ وَتُشَجِّعُهُ عَلَى لِقائِها. وَكانتْ تَختارُ لَهُ مَواقِعَ اللِّقاءِ. وَحَدَثَ في أحْدَى الْخَلَواتِ أنْ أَرادَها عَلَى ما يُرِيدُ الرِّجالُ فَأَبَتْ وَاشْمَأَزَّتْ وَعَبَّرَتْ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِها: الطَّويل

- وَذِي حاجَةٍ قُلْنا لَهُ لا تَبُحْ بِها

                  فَلَيْسَ إلَيْها ما حَيِيتَ سَبيلُ

- لَنا صاحِبٌ لا يَنْبَغِي أَنْ نَخونَهُ

               وَأَنْتَ لِاخْرَى صاحِبٌ وَخَلِيلُ

فَأَقاما دَهْرًا عَلَى حُبٍّ عَفيفٍ، وَهِيَ السُّنَّةُ في الْعْشَّاقِ مِنْ بَنِي عُذْرَةْ وَغَيِْرِهِم.

وَهَذا ما عَرَفْناهُ مِنْ كُثَيِّرِ عَزَّةَ عِنْدَما قالَ:

-قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَفَّى غَريمَه

               وَعَزَّةُ مَمْطولٌ مُعَنَّى غَرِيمُها

يُقالُ أنَّ عاتِكَةَ زَوْجَةَ عَبْدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ سَأَلَتْ عَزَّةَ: أَيُّ دَيْنٍ لِكُثَيِّرٍ عَلَيْكِ؟ فَقالَتْ: كُنْتُ وَعَدْتُهُ بِقُبْلَةٍ ثُمَّ أَقْسَمْتُ أَلّا أُمْكِنُهُ. فقالَتْ عاتِكَةُ: بِاللَّهِ عَلَيْكِ أَعْطِيهِ الْقُبْلَةَ وَأنا أَبَرُّكِ مِنْ يَمِينِكِ.

وَقالَتْ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةِ في خِصالِ تَوْبَةَ: الطَّويل

- كَأنَّ فَتَى الْفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يُنِخْ

               بِنَجْدٍ وَلَمْ يَطْلُعْ مَعَ الْمُتَغَوِّرِ

(أناخَ الْجمالَ: جَعَلَها تَبْرُكُ لتستريحَ في نَجْدٍ وَهُوَ الْمُرْتَفَعْ مِنَ الْأرْضِ ، المُتَغَوِّر: المُنْخَفِضُ منها. وَهَذا يَدُلُّ عَلَى شَجاعَتِهِ)

- وَلَمْ يَرِدِ الْماءَ الْماءَ السِّدامَ إذا بَدا

          سَنا الصُّبْحِ في أَعْقابِ أَخْضَرَ مُدْبِرِ

(الماءُ السِّدامُ: الْمَدْفُونُ. كانَ تَوْبَةُ خَبيرًا بِالصَّحْراءِ، وكانَ يَدْفِنُ مَزاداتِ الماءِ في مناطِقَ يَعْرِفُها، فَإذا دَخَلَ الصَّحْراءَ تَتَقَدَّمُهُ الْمِياهُ التي دَفَنَها. أمّا أعْداؤُهُ فَلا يَجْرَأًُونَ دخولَ الصَّحْراءِ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ عَطَشًا، الْأَخْضَرُ الْمُدْبِرُ: اللَّيْلُ الَّذِي مَضَى)

- وَلَمْ يَقْدَعِ الْخَصْمَ الْأَلَدَّ وَيَمْلَأُ الْ

            جِفانَ سَدِيفًا يَوْمَ نَكْباءَ صَرْصَرِ

(يَقْدَعُ: يَكُفُّ، الْأَلدُّ: الشَّديد، السَّديفُ: الطَّعامُ، النَّكْباءُ: الرِّيحُ الْحارَّةُ، صَرْصَر: شَدِيدَة).

عن محرر المقال

رولاالعمري

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية