جراح فوق الشّفاه
مُنذُ سنينَ خلتْ..
هرمتُ.. كبُرتُ.. ولم أتفوّه حرفاً..
وبنى الحُزنُ بُيوت الألم
على شفتيَّ..
ووطني أشلاءٌ تتبعثرُ رملاً..
جُنِنَّا قبل رحيل العُمر..
والآجامُ لقومي تحترقُ ببُطءٍ..
لن تُبقي شيئاً..
وكواكبُ هاتيكَ الأفناء
أمستْ شُهُباً..
وحرائق تتوارى الأنظار بجُبنٍ..
تظُنُّ بأنّنا سَكرى..
لا نفقهُ إن كانت سعداً.. أم جُرماً..
شجرٌ.. حجرٌ.. مدرٌ..
لم يبقَ سوى
قيعان الأرواحِ الوسنى..
وأُوَرٌ تتزايدُ كُرهاً لا تنضب..
شخنا يا قاتلة الأطفال وتُهنا..
رحلتْ كُلُّ حُروفي..
كُلُّ حدائق أزهاري أضحتْ شوكاً..
وجراحُنا لا تنزفُ.. بل تلهجُ ذكراً..
تتكلّمُ ألم الفُقراء الجوعى..
ونساءٌ تتمايلُ ذوباً روعاً..
جفَّ اللبنُ بصدرها..
والرُّضَّعُ ما فَتِئت تتنفّسُ عطراً..
فالزّادُ تلاشى..
وتاه بباطن سُرّاق مدينتنا..
مخازنُهُ سُرقت كالنّفط..
وبيعت خمراً..
لم أتكلّم كُفراً.. لا أبداً..
والإعلامُ يُتاجرُ فينا كالإبل..
لا بل كخرافٍ في سوق الغنم..
يُعلنُ كُلّ صباحٍ.. كُلّ مساءٍ..
أنّنا أشلاءٌ في الأرض..
وأمسينا نحنُ شتات العصر..
في عرض البحر تُركنا..
وهُنا وهُناك وفي الوحل علقنا..
وضعنا في أصقاع الغرب..
هو يلهجُ..
لا من أجل كلمة الحَقِّ..
بل لرضى حُكّام العربِ..
أذناب الخزر..
أيا أنذال الماء العكرِ..
اصطادوا..
فلقد شاركتُم آكلة البشرِ..
بلوك الكبدِ العَطِرِ..
يا وطني..
بتنا شُذَّاذ الآفاق..
في نظر عُلوجٍ أوغاد..
وسعى سيّدُهُم..
في جلب حُثالات الإنسان..
لا دين لهُم.. إلا الرُّعب..
إلا السّبي..
لا مُستقبل يحبو فينا..
جفَّتْ مآقينا..
سواقي روابينا..
واحترقت كُلُّ الأشجار..
نحنُ نعيشُ أنيناً.. آهات..
أصبحنا كسبايا بابل..
وفي التّيه غرقنا..
...................................