لا بد من محاولة أخرى
خالد كامل الطعاني
*
بعد طول قراءة وتأمل أنهيت قراءة " للأشياء أسماء أخرى" للقاصة الأردنية روند الكفارنة ..
هي قراءة تذوق وليس قراءة نقد ، إذ للنقد معاييره وأساتذته ، أما الذوق فهو حر طليق يجوب فضاء القراءة وأشياءها وأسماءها من الزاوية التي تنسجم مع القارئ من حيث صلته بالفكرة والصورة والحدث والعنوان .
أقول لا بد من محاولة أخرى للقراءة لسبب له علاقة بفيزياء الكلمة وكيمياء الأشياء .. فكلما حاولت الإفلات من عنوان المجموعة وجدتني أرتد إليه مرة أخرى .
قوة جاذبية تاء التأنيث في ( مواجهة ) التي تلبسك جاهزية المشاركة في" الثورة النمطية" على السلطة العمودية التي أسست لمفهوم الذكر والأنثى .. وما تحدثه من اهتزاز بالسلطة الأفقية الأسرية الأبوية الذكورية والأنثوية لم تنجح في منعي من الارتداد إلى إلى عنوان المجموعة" للأشياء أسماء أخرى" .
لم يكن بالإمكان تفويت التوقف التأملي للعنوان حيث الحوار الفلسفي المغلق هناك الذي يجسد الأشياء صورا كونية نابضة بالحياة تتنقل مسمايتها حولها بزحمة ألوان الفراشات ليأخذ التجلي الكوني مداه في خلق روابط الأشياء ومسمياتها معلنة ولادة" اللغة الحداثية"ذات الجراءة المعلنة في حقل من أشياء الفلسفة الوجودية بدءا كونيا "وعلّم آدم الأسماء كلها " أي علمه مسميات الأشياء التي نتداولها صوتا ولغة وصورة ومعنى .
لم يتوقف الارتداد إلى عنوان المجموعة عند حوار الفلسفة الأزلية الوجودية بين الله وآدم في ساحة الأشياء ومسمياتها بل تعداه إلى إطلالة فلسفة " ميشيل فوكو في كتابه / الكلمات والأشياء " وهو يحاول الخروج إلى مساحة ما خارج الاستقطاب المفاهيمي السلطوي داعيا العقل إلى التخلي عن عاداته والذهاب إلى ممارسة ذاته .
الثورة النمطية المعلنة في المجموعة " للأشياء أسماء أخرى" للقاصة روند الكفارنة تغوص ما بعد الأشياء والأسماء وتبحر بهدوء في عمق المعاني حيث المواجهة الحقيقية مع الإحساس في فهم خاطئ والشعور والشفقة والعطف والحنان والأحلام المترفة والجراءة في إعلان الكره أمام التواري والخجل عن إعلان الحب . وجملة الأشياء المختزنة في حياة الصمت المقهورة حيث فوضى الأطراف وأعقاب عمر . وجملة الاقفال التي نملك مفاتيحها وندعي ضياعها وفقدنها .
ربما هناك بعض الخصوصيات في ثلاثية المقاربة التي دخل عليها عنوان " للأشياء أسماء أخرى" إلا أن الرابط بينهما لا يحتاج إلى دليل خاص كونه أمسك بعموميات الفلسفة الوجودية ودعوة العقل إلى الربط بين الصورة والفكرة .. بين الأشياء وأسمائها .. بين النمط المغلق والنمط الحداثي .
عودة إلى التأكيد أنه لا بد من محاولة أخرى للقراءة .