-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

قراءة نقدية للأستاذ: محمد البنا /مصر/ لقصة: "طمأنينة كاذبة" للأديبة السورية : كنانة عيسى/

 كسر التابوهات ..مهارة أم جسارة؟

قراءة بقلم / المصري / محمد البنا
لنص ( طمأنينة كاذبة )
للسورية / كنانة عيسى
...............................
النص
........
طمأنينة كاذبة
استيقظت.... مرتبكًا،كانت متكورة بجانبي،نائمةً بهدوءٍ غريب، تلفّها طمأنينة جميلة، رتابة أنفاسها أيقظتني.
.وحين فتحتُ عينيّ.. بتثاقلٍ. أدركت مصيبتي
... إنّها هي
قفزتُ بتوترٍ ورعب من السرير الذي جمعنا معًا غير مصدق.
يالله... ماذا سأفعل الآن... ؟!
ركضت... خارجًا من الغرفة في ارتباكٍ ، حلقي جافٌ، وجسدي يرتعشُ، وقدماي مهزوزتان لاتقويان على حملي
ركضتُ مستغيثًا... أرتجفُ في هلعٍ ، أكادُ لا أتنفس وأنا أتعرق كمحمومٍ.
أبحث عن زوجتي... لا بدّ أن أخبرها .. ولكنّني تريثت
ماذا سأقول؟
خوفي يفضحُني، ارتباكي يحرقُ أعصابي،
للمرَّة الأولى أنا مجبرٌ على الاعتراف، ترددتُ أن أقرعَ باب غرفتها حيث تنام بعيداً عني، لن ألومها... فقد أسأتُ إليها كثيراً وظلمتُها أكثرَ مما يمكن لصبرِ امرأة أن يحتويه
خيانةٌ وكذبٌ وتطاولٌ... وهجرُ
نظرتُ حولي، ظلمةُ المكان تستبيحُ سكينةً لا أجدها، وحدها الأنفاسُ المتقطّعة تتجاذبُ خفقان قلبي، سأصاب بأزمة... قلبية ربما؟ ربّما هذا أفضل للجميع.
توجَّهت للمطبخ الذي تسلَّلت منه برودةُ ناعمة، لعلي إن دخنت سيجارة وشربت كأسًا من الماءِ أفقت مما أنا فيه.
وما أن دخلتُ، حتى تسلَّلت إليَّ رائحة النعناع الساخن. فوجئت بها جالسةً كصنمٍ، شعرها ليس على ما يرام ترتدي ثوبها المنزلي البنفسجي السميك الذي لا تحبهُ، وأمامها كوبٌ كبير من الشاي الذي قد صنع للتو، رائحته الدافئة وبخاره يوحيان بطمأنينةٍ كاذبة، لعلها ساعدتني على درءِ ما بي.
كانت عيناها متورمتان ملتهبتان وبقايا كحلِ الليلة السابقة يحيطهما بشراسةٍ, جفّت دمعة بائسة في طريقها السفلي فجأةً في منتصف وجنتها الشاحبة، يبدو أنها بكت لوقت طويلٍ.
اعتصر الألم قلبي، قلت لنفسي "تبًا لهده الورطة" سحبتُ كرسيًا مقابلًا لها وحاولت أن ألج ارتباكي وجبني بإطالةِ النظر لعينيها المطفأتين.
كيف أقولُ لها أنني استيقظت لأجدَ عشيقتي التي تركتني منذ ثلاثةِ أشهرٍ تنامُ بجانبي؟ كأنّها هبطت من السماء.ِكلعنة.
فاجأتني بقولها:
-أتعلم؟... أعتقد أنني أدينُ لك بمعرفة شيءٍ كنتُ قد أخفيته عنك.َ
لم أجرؤ على التّفوه بحرفٍ واحدٍ، كنت خائفًا فهززت رأسي في استغباءٍ وعدم فهم، فاستطردَت:
-هل تذكرُ ذلك الصندوق التي اشتريناه البارحةَ من ذلك المتسولِ، والذي يحققُ الأمنياتِ؟ كما ادّعى؟
أومأتُ برأسي وأنا أخفي ارتجافَ شفتيَّ القارستين
أكملت وهي تشرب شايها بهدوء مستفزٍ فقالت:
-لقد تمنيتُ أمنيةً قبل النومِ وأظنّها قد تحققت
قلتُ لها وأنا أكاد أتلاشى ممازحًا بصوتٍ يتحشرجُ:
-مالذي تمنيته يا عزيزتي؟ أتمنّى أن يكون مبلغًا كبيرًا من المال!
ٍهمست بصوت مريب:
-تمنيت أن نجد الجرأة أنا وأنت على مواجهة أفظع ما قمنا به في حياتنا بشجاعةٍ؟ حتّى نعيشَ بسلامٍ مجددًا
قالت الجملة الأخيرة وهي ترتجف...
-ثمّ...؟
تساءلتُ بصوتٍ خفيضٍ لا يشبهُ أصواتَ الرجال عادةً
قالت وهي تبدأ نشيجًا لا أحبه
لقد استيقظت لأجده نائمًا بجانبي....
كنانة ٣٠ مايو ٢٠٢١
القراءة
.........
يغفو الضمير ومن ثم يستيقظ بعد فوات الأوان.
الفكرة مطروحة وقدمت في قوالب كثيرة ( كما تدين تدان )، إذًا أين تكمن الروعة في هذا العمل؟
أنظروا إلى بنية النص..تجاوزت بنيته المثلث الشهير الزوج الزوجة/ العشيق أو العشيقة، إلى خماسي مستحدث ومبتكر فآلت الشخوص إلى خمسة ( الزوج الزوجة العشيق العشيقة وخامسهم تميمة أو صاحبها) وفي الخلفية النصية يطل علينا الضمير بقرنين متوازيين ومتعاكسين..ضمير الزوج يستيقظ فزعًا ونادمًا على غلطة، وضمير الزوجة يستيقظ قويًا ورابط الجأش مصارحًا دون خوف أو خجل، وغارسًا عن عمد ( الزوجة هى التي تمنت ) نصل خنجره في خصر زوج خان، ليذكره أنّ المرأة لا تنسى، وتنتقم، ولا تشبع من ممارسة الانتقام، هو خان فخانت، وتمادت فأوغلت فيه طعنًا دون رحمة.
أغفلت الكاتبة عمدًا تبيان الخائن الأول، فالقارئ العادي سينحو طبيعيا بالسليقة إلى الشائع وهو خيانة الزوج أولًا، فهو الأكثر والأشهر، ولكن ما حكمنا لو كانت الزوجة هى البادئة، ففي هذه الحالة سينقسم البشر إلى صنفين ( شرقي و غربي ) الأول منهما يغفر للرجل خيانته ولا يسامح المرأة قط، بينما الآخر سيعتبرهما سواء، فالخيانة خيانة سواء أتاها ذكر أو أنثى..
نص صيغ بهدوء وروية، ولي أن أقول بتأمل من الكاتبة نفسها لمشهدية أقصوصتها، بينما هى تخط بقلمها سطورها وتحولها لنص مكتوب.
نص لعبت فيه الكاتبة بمهارة وذكاء على المساحات الفارغة والمشاهد المحذوفة من المتن، لكنها تبرز بجلاء في مخيلة المتلقي.
أسلوب سهل رائق، بعيد عن ادعاء البلاغة أو تمكينها من السطو على العمق الدلالي.
هذه قراءة موجزة تحدثت فيها عن البراعة في بنية النص، ولم أتطرق إلى المعالجة والحبكة ومفاتيح النص وما أكثرها وكلٌ منها له دلالته السيميائية الخاصة به، لأنني أردت فقط إيضاح كيفية التمرن على كسر التابوهات القصصية المعروفة، وهو ما فعلته كاتبتنا المتألقة في نصها هذا.
محمد البنا ٣٠ مايو ٢٠٢١

عن محرر المقال

صديقة علي

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية