الرُّوحُ تُدْرِكُ قَبْلَ العَقْلِ
للشاعر السوري
أحمد جنيدو
مِنْ بِيْنِ أَنْـقَـاضِنَا ضُوءٌ سَـيَـنْكَـشِـفُ.
يَـردُّ رُوْحاً إِلَـى الأَجْـسَـادِ يَنْعَـطِـفُ.
ويَـكْـتَـسِــــي سِـــرُّهُ خِـيْـبَـاتِـنَـا أَمَـلاً
فَـالنَّـاسُ فِي سُــدَّةِ المِـيْـزَانِ تَخْـتَـلِفُ.
مَـا ضَـرَّ لُـو بَـاحَ أيُّــوبٌ مَـوَاجِـعَــهُ
فَالصَّـبْـرُ يُـسْــلَى إذا أَيُّـوبُ يَعْـتَـرِفُ.
واليَـمُّ يَـبْـتَـلِـعُ الفِـرْعُـوْنَ أَمْـرَ عَصَا
لِمَنْ عَـصَى ذَا العَصَا عُكَّازُنَا القَرِفُ.
طُوْبَى لَكُمْ إِنْ رَجَـعْـتُـمْ مِنْ مَقَابِرِكُمْ
قُـوْسُ الضِّـيَـاءِ إِلَى الأَشْـهَادِ يُسْـتَـلفُ.
طُـوْفُـوا عَلَى جَـدَثِ الأَزْمَـانِ مَفْخَرَةً
تَحْكِي صِرَاعَ الوَرَى الأَحْفَادُ والسَّلَفُ.
هُنَا لِمُوْتِكَ أَضْحَى الصَّمْتُ مُحْـتَـشِـماً
مَـهْـمَـا بَـلَـغَـتَ فَـإنَّ الحُـلْمَ يُخْـتَـطَفُ.
فَـارْفَـعْ جَـبِـيْـنَـكَ لِـلْـعَـلِـيَـاءِ مُـنْـدَفِـعـاً
فَـأُمُّـكَ الأَرْضُ وَالإِيْـمَـانُ وَالـشَّــغَـفُ.
لا تَـتْـرُكِ الوَعْدَ فِي الخِصْيَانِ مُنْتَظَراً
لَا فِـعْـلَ يَـأْتِـي لُـو أَحْـلامُـكَ الصُّـدَفُ.
هُـنَـا الـشَّـــــآمُ تَـنُـوحُ الـلِـيْـلَ فَــاقِــدَةً
يَـضِـجُّ مِـنْ أَنَّــةٍ فَـجْـرٌ لِـمَـنْ ذَرَفُـوا.
فِـي كُـلِّ نَـازِفَـةٍ فُـوقَ الـدِّمَـاءِ لَـنَـا
مَـنَـارَةٌ أَخْـبَـرَتْ عَـنْ مَـارَةٍ نَـزَفُـــوا.
أَوْ رَصَّـعُـوا جُـثَّـةَ المَارِيْنَ فِي كُـتُـبٍ
كِي يَقْـرَؤُوْا حُجَّةَ الأمْوَاتِ إِنْ عَرَفُوا.
أَدْمَـنْـتُ يَا شَـامُ شُـوقاً كَـادَ يَـحْـرقُـني
فَـالقَـلْـبُ فِي لِـذَّةِ الأَشْــوَاقِ يَـنْـجَـرِفُ.
أَنْـتِ الـبَـلاغَـةُ فِـي الأَشْـــعَـارِ رَائِـدةٌ
أَنْـتِ القِـيَـامَـةُ فِي الإِحْـسَـاسِ تَـكْتَنِفُ.
آمَـنْــتُ بِـاللهِ والأَوْطَــانِ يَـا قَـــدَرِي
فَعِـشْـقُـهَا الرُّوحُ هَلْ أَرْوَاحُنَا تَـرَفُ؟!
تَـبَّـتْ يَــدٌ تَـقْـتِـلُ الإِنْـسَـــانَ هَـادِئَــةً
وفِـي فَـرَاسِـخِـهَـا شِـيْـطَـانُـها خَـرِفُ.
دَمُ الحُسِيْنِ يُضِيْفُ المُوْتَ فِي وَطَنِي
بَـرِيْــئَــةٌ مِـنْـكُــمُ بَـغْــدَادُ وَ الـنَّـجَــفُ.
نَبْكِي الوَصَايَا وطُـوْقُ النَّـارِ مَرْجَلُنَا
يَمُـوْرُ صَدْرٌ يَطُوْحُ الرَّأسُ والكَـتَـفُ.
مَـازَالَ فِي دَمِـنَـا الـرَّعَّــافِ أُغْـنِــيَــةً
في صُـوْتِـهَـا بَـحَّـةُ النَّـايَـاتِ تَـرتَجِفُ.
أَتُـوْقُ وَصْـلاً يَـنُـوْسُ الفِـكْـرَ مَقْـبَرةً
والفِـكْـرُ مِنْ لُـغَـةِ الـتَّـارِيْـخِ يَـلْـتَـحِـفُ.
وفِي أَقَـاصِـي النَّـوَى حُـزْنٌ وَأَفْـئِــــدَةٌ
يَـغْـتَـالُـنَا البُعْـدُ والأَسْـمَاءُ والصُّحُـفُ.
عَـانَـقَــتُ مَـاكِــرةً بِاسْـــــــمٍ وذَاكِــرَةٍ
تَـكَـسَّـرَ الضِّـلْـعُ والشِّـرْيَـانُ والنُّطَـفُ.
تَـدُوْسُ فُـوْقَ تُــرَابِ الـنُّـوْرِ مُـعْـدَمَــةٌ
عِـنْـدَ البَـقَـاءِ عَلَى الـنِّـسْــيَـانِ لَا تَقِفُ.
فَانْـظُـرْ بِحَـدْسِــكَ قَـدْ تَـدْرِي دَوَافِـعَـنا
فَالرُّوْحُ تُـدْرِكُ قَـبْـلَ العَـقْـلِ تَكْتَـشِـفُ.
12/12/2018
شعر: أحمد عبد الرحمن جنيدو
من ديوان (إنّها حقّاً)