الله وخالقُ الوجود
بقلم / أ . حكمت نايف خولي
يسألني الكثيرون ما الفرق بين { الله } و{خالق الوجود}
كونك دائما تركِزُ على كلمة خالق الوجود .
في العمق إذا كان المقصود ب {الله} إله الكون اللآمحدود
فهذا المعنى يتطابق ولا يختلف عن خالق الوجود فهو مدلول لكائن واحد
ولكن لو تصفحنا تاريخ الأرض حالياً وعبر العصور لوجدنا
أنَّ هناك آلاف بل ملايين من {الله} ....ابتداءً من الله العائلة إلى القبيلة
إلى الضيعة والمدينة تسلسلاً إلى إله الأديان السماوية وغيرها
فهل يستطيع الكمبيوتر أن يحصي عدد{ الله} في التاريخ ؟؟؟
كلما اتسعت مدارك ومعارف الإنسان كبر فهمه لهذا {الله } وتعمق .
واليوم هناك آلاف {الله} ... لكل دين وطائفة ومذهب ومجموعة بشرية {الله} الخاص بها
وهي تحتكر إلهَها لنفسها وتحجِّمه وتحدُّه حسب حجمها ومحدوديتها ومصالحها
وهذا ما أرفضه ويرفضه الفكر الفلسفي والعلمي والمنطق السليم .
فالكون اللامحدود والمتمدد باستمرار والذي عُرف منه حتى الآن
40 مليار مجرة وكل مجرة تحتوي على أكثر من مليار مجموعة شمسية
وكل مجموعة شمسية محتمل ان يتواجد فيها كوكب صالح للحياة كالأرض
فإذا كان {الله} هو خالق هذا الكون فنحن متفقون وهكذا يصبح هذا {الله}
للكون بأسره ولا يخص مجرة ما او مجموعة أو ديانة أو........ الخ
وهكذا تصبح صراعاتنا على الأرض من أجل أو دفاعاً عن هذا {الله}
كلُّها جهلاً وغباءً وحتى كفراً بالله الذي نحاول
تحجيمه وتحديده واحتكاره لنا وامتلاكنا له .
وما الفرق بين الأديان والمذاهب والمجموعات البشرية
. إلاَّ بمقدارِ جهلها او توسعها وتعمقِها بهذا الموضوع
وضعف معرفتها وإدراكها لحقيقة الكون وخالقِه
وايضاً بمقدار السيطرة الهستيرية والغيبية
على عقولنا المرتعبة والخائفة من الله والموت والمجهول .
أنا أؤمن بوجود خالق للكون واحد أحد من جوهر عقلاني روحاني
لا يمكن أن تقتربَ عقولُنا من معرفته إطلاقاً . إنما بازدياد معارفنا وعلومنا
. نقترب بالتدريج من الإيمان ومن التعرف على حقيقة وجوده فقط
وأؤمن أنَّ في الكائن البشري جوهراً عقلياً روحياً متفرداً ومتميزاً به عن سائر المخلوقات
وكلما تطوَّر وتقدَّم هذا العقل بميادين المعرفة اتسعت ادراكاتُه
عن اللهِ ولامحدوديَّتِه المطلقة
وتغيرتْ مفاهيمُه وأحكامُه عن الكونِ وخالقِه .
وهنا أقولُ أنني أحترمُ كلَّ الأديان والمذاهب والمعتقدات البشرية
ليس لأنني اعتبرها صحيحة صحة مطلقة ولكن لأنني أعتبرها
. محاولات وتدرجات في سلم التعرُّفِ على الكون وخالقهِ
وما أرفضه في الأديان, أو تفسير وفهم الإنسان للأديان
, هو وصفها وإعطاؤها صورة نهائية للكون وللخالق
. وادعاؤها العصمة لمفاهيمها واحتكار هذا الخالق لها ولعقيدتها ومصالحها الضيقة
فالحقيقة المطلقة أو الله الخالق اللامحدود
لا يمكن حصره وتحجيمه وتحديده بأية ديانة أو
عقيدة أو مفاهيم كائنات عاقلة لمجرَّة من المجرات .
من خلق وأبدع الكون اللامحدود كيف تحدُّه
عقول بشرية مخلوقة ومحدودة جداً ؟
كيف يمكن أن نصفه بصفات أو نعوت؟
والخلاصة لهذه البداية من سلسلة حواراتنا:
1_خالق الوجود هو الحقيقة المطلقة التي لا تحدُّها حدود على الإطلاق
2_أُعطيتْ لهذه الحقيقة المطلقة صورٌ متعددةٌ جداً جداً عبر تاريخ العقل البشري
من تأليه قوى الطبيعة إلى عبادة أشكال لا حصر لها من المخلوقات والأصنام وسواها
وفي كل زمان ومكان وحسب تطور وتدرج الوعي
. كان الناس يعتقدون بمعصومية من يعبدون ويؤلهون
3_واليوم وقد توسعت معارفنا وامتدت الى الفضاءات البعيدة
اصبح من المسلَّم به أن تتغير مفاهيمنا واحكامنا
عن الكون وخالقه وطريقة خلقه للكون
4_احتكار الارض وبشريتها عموما بكل مذاهبها
لفهمها للخالق هو خطأ فادح جداً وخطير .
5_على الإنسان والإنسانية جمعاء أن تتابع البحث للتعرف على حقيقة الخالق
6_قبول بعضنا بعضاً كخليقة واحدة لخالق واحد
وإلغاء مفهوم التمييز بين البشر بسبب المعتقد والدين
أو اللون أو العرق أو المجرة التي ينتمي ‘ايها .
7_التحرر الكامل من كل ترسُّبات الماضي
من أجل بناء إنسانية سليمة قائمة على نور العقل والعلم
والمتمحورة حول الله الخالق للكون والذي هو لكل الكون