لحظة هذيان
قصة / أ : عمر المزين
( الهذيان هو حالة من الضياع بين الإنتباه والوعي والإنفعال وضعف التركيز ومن اسبابه الإنهماك في استعجال الحلول قبل وقتها )
هي كالرياح تسير في كل الإتجاهات فإما أن تلحق بإحداها وإمّا أن تبقى على الرصيف واقفاً بإنتظار نسمات قد تهب عليك وقد تكون بلسماً وقد تصيب منك مقتلاً ،الوقت يمضي فهل يسمح العمر ..... بهذه الكلمات أنهت قصتها وألقت بالأوراق جانباً وتأوهت وكأن حملاً ثقيلاً حط عن كاهلها .....
أشاحت بناظريها نحو اللا شيء وبحركة إنفعالية نفضت يدها وكأنها تتخلص من شيء قد يكون علق في ذاكرتها في خفق قلبها في حنايا روحها أو حتى في اعماق نفسها والنفس مصدر الخير والشر، فلا تثق بما يأتي منها .....
تساءلت ماذا جرى ، هل تنسى كل ما كتبت وتنفض يدها مما فات أَم إنها تنفض الغبار عن ذاتها لترى الواقع على حقيقته، أليس هو بكل مرارته وقساوته ،وآلامه وآماله، وأفراحه وأتراحه،ونجاحاته وإحباطاته ( يكاد الغبار يخنقني ،إنه يحاصرني ) ماذا فعَلَت هل كشفت عن ماض أليم حزين أَم صُدمت بحاضر لا يقل الماً عن الماضي. .....
تشعر بالدوار يلف رأسها، زاغت عينيها واتسعت حدقاتها، اختلط الواقع بالخيال وتشابكت الصور لترسم لوحة بلا ملامح ،تقيأت أفكاراً كانت تراودها أوهاماً كالسراب، تراه يخدعك بتموجه ولمعانه ولكن يستحيل الوصول إليه أو ألقبض عليه ..
كلما كانت الغاية صعبة، كلما كان الطريق وعراً وطويلاً ، وعلى الرغم من إنها تعرف طريقها وهدفها إلاّ إنها ضاعت بين السطور واختلطت بالحروف والفواصل والنقاط ، وبدا لها الطريق طويلاً وربما مسدوداً ، فالحياة ضربة حظ، والحظ ضربة فأس في أرض منجم فأما أن تجني الذهب أو تتشح بسواد الفحم ....
تشد خيوط القوة من ذاتها ، تمسكها تلفها على اصابع يدها وتسحب آمالها وأمانيها نحوها وتسير بخطىً مترددة حيناً وتسرع أحياناًأخرى وعندما وصلت آخر الخيوط أدركت إنها لم تصل ، فهل تبدأ من جديد ....
أن تلتف زهرة يانعة حول عود يابس هش، أن تقتلع نفسك من بؤس المشتل
وتحتضن الوردة وتزرعها في تربة غريبة، تذوي أزهارها وتذبل أوراقها، فلا استقام عودها، ولا استمر عطرها ....
الطقس بارد، البرد شديد، لملمت الأوراق وألقت بها الى حضن المدفأة ،
شعرت بالدفء ، عاد اليها الإحساس ،تناولت كوب من الشاي الساخن
وغطت في نوم عميق. ...... انتهى Omar Al Muzayen