الكهرباء ...لا حلول تلوح في الأفق
مع بداية موسم كل صيف جديد والذي تترفع به درجات الحرارة إلى معدلات قياسية حسب توقعات هيئة الإنواء الجوية يبقى المواطن العراقي في معاناة مستمرة ، هذه التداعيات أشعلت لهيب غضب المواطنين إتجاه حكوماتهم التي فشلت أكثر من عقدين من إيجاد حل لإنقطاع الكهرباء لساعات طويلة أستمرت ما يعادل 20 ساعة في اليوم، وبات الإنقطاع المستمر في الكهرباء الوطنية الذي أثقل كاهل المواطنين، الذين يعتمدون على الإشتراك في المولدات الأهلية والتي يبلغ سعر الأمبير الواحد، منها 20 ألف دينار عراقي في بغداد، مما أدى الإنقطاع المستمر للكهرباء إلى تدهور كبير، في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية .
( مجلة دار العرب ) وكعادتها في مواصلة ما يعانيه المواطنين من مشاكل وقلة الخدمات ، تناولت أزمة الكهرباء مع نخبة من المختصين في مجال الكهرباء ، لكي تنقل إليكم آرائهم .
المدى المنظور
زياد اللهيبي / خبير اقتصادي :
عند الحديث عن الكهرباء وإنقطاعه المستمر في العراق، يتبادر إلى الأذهان إنها مشكلة توليد فقط، وهذا ليس دقيقاً عن مشكلة الكهرباء في العراق ، إنما هي التوليد والنقل والتوزيع، والعراق عام 2003 كان يعاني من مشكلة واحدة في الكهرباء، هي مشكلة التوليد جاءت بعد حرب عام 1991، والتي أعقبها حصار منع العراق بموجبة إستيراد قطع الغيار اللازمة، لإصلاح المحطات المدمرة وبعد الإنفتاح الإقتصادي وكثرة الإستيراد لأجهزة التبريد والتكييف وزيادة ، عدد السكان باتت الشبكة الكهربائية في العراق متهالكة ، ولذا فأن حاجة العراق من الكهرباء، تضاعفت إلى 250 % وبالتالي لم تعد الشبكات القديمة قادرة ، على تحمل مزيد من الطاقة المنتجة ، في حال توفرها، وأصبحت أكبر مشكلة يواجهها العراق بعد التوليد هي النقل، لأن الحكومات المتعاقبة لم تفلح في مد أي شبكات نقل جديدة - ظغط عالي - وظل الإعتماد على ما هو قائم أساسا ،لافتا ً ، إلى الحرب الأخيرة على تنظيم الدولة "داعش" دمرت شبكات النقل في مناطق شمال وغرب و وسط البلاد بما نسبته أكثر من 40% ، أذ إن خط ال ( 400 كيلو واط ) الذي كان يعد أول خط نقل للطاقة الكهربائية في الشرق الأوسط دمر 100% ، حيث كان ينقل الكهرباء من بيجي إلى كركوك ، ونينوى ، ولم تبدأ وزارة الكهرباء بإعادة تأهيله وبناءه حتى الآن .
صهيب الراوي / الخبير في وزارة الكهرباء: الحكومات العراقية المتعاقبة " أنفقت 40 مليار دولار أمريكي على الكهرباء، وبهذا المبلغ كان من الممكن شراء أصول شركات كهربائية كاملة، مثل سيمنز الألمانية ، و تكلفة محطة كهربائية بخارية تبلغ 300 مليون دولار أمريكي و إنشاء 10 محطات منها كافية لإنتاج 3 الآف ميغا واط ، لكن بفعل هذا الفساد الإداري والمالي جعل من تحسن الكهرباء في العراق أمرا ً مستحيلا ً في المدى المنظور حتى لو أرتفعت الطاقة التوليدية إلى 24 الف ميغا واط .
مشاكل متراكمة
الإستثمار الكهربائي
فساد إداري
عبد الرحمن المشهداني/
مستشار سابق في وزارة الكهرباء:
التجربة المصرية الأخيرةالتي نجحت فيها مصر بالتعاون مع شركة سيمنز من القضاء على أزمة الكهرباء في غضون عامين وبتكلفة تبلغ أقل من 5 مليار دولار لم تدفع منها الحكومة أي دولار، أذ احيل المشروع المصري إلى الإستثمار وكان للعراق أن يستفيد من التجربة المصرية في مجال الإستثمار الكهربائي لولا البيروقراطية الإدارية والقانونية والفساد المالي ،حيث أن قانون الإستثمار العراقي المرقم(13) لسنة 2006 قيد الإستثمار في مجال الطاقة الكهربائية وتوليدها ونقلها وبالتالي تحتاج البلاد إلى تعديل التشريعات المختصة بالكهرباء، فضلا ً عن محاربة الفساد، في الوزارة وهذا ما يزال بعيد المنال وفق المعطيات الحالية .
الفساد يبقى هو السبب
منى أحمد/ الباحثة :
يشير العديد من الخبراء والباحثين في الشأن العراقي أن الفساد يبقى هو السبب في عدم وجود حل لهذه المشكلة، كما أكد مسؤولون محليون، أن العراق تحول لواحد من أكثر البلدان فساداً في العالم، بحسب ما يذكر مؤشر مدركات الفساد الذي يتبع منظمة الشفافية العالمية، وأما الفساد في وزارة الكهرباء ينقسم إلى نوعين أولهما الفساد المالي والعقود الفاسدة الكوميشنات، التي أستهلكت الفساد الإداري المستشري وعدم توسد المختصين، لمواقع صنع القرار، في وزارة الكهرباء والفساد المالي والإداري الذي حدث، في إنشاء محطات توليد الكهرباء، تعمل بالغاز والجميع يعلم أن العراق بلد نفطي بالدرجة الأولى ، على الرغم من توفر إحتياطات غاز محلية كبيرة ، الا أنها ماتزال غير مستغلة، بالتالي فإن بناء محطات التوليد الكهربائية تعمل بالغاز بدل النفط الخام أو الديزل يعد فساداً ماليا ً وإدارياً كبيراً ما أضطر العراق إلى إستيراد الغاز وإستيراد الطاقة الكهربائية من البلدان المجاورة .