بقايا وطن
نص : أ . فاطمة حيدر العطالله
لا أدري يا زينب قد نتخرج وقد لا ؟
أعلم أنه إذا ولّت كورونا ما هي إلا أشهر معدودات "يتحزم" بها دماغنا ونذاكر ثم ننجح ونصبح في عداد "الخريجيات " -إن شاء الله - ولكن… ..خريجات ؟!!
- رغم أني -وللأسف- أكره الجامعة والطابع الأكاديمي المحدود وطبيعتها الملزمة إلا أنني أشتاق لتعبنا اللذيذ وتفاصيل ذلك التعب ، المثير للدهشة أن الذاكرة لا تكبس "فريم" ; فتعود بي إلى أيام المدرسة والطبشور الملون الذي كنا نقضمه ونقتنيه إكسسواراً في الحقيبة المدسية ، الجلسة الصحية ، كلمة (تكتفوا) بنظرات كقدح النار من عيني المعلمة ، تمردنا أن لن نتكتف و تغمض أعيننا و"نطب" راسنا على المقعد أن الدنيا "ليل" كما تدعي آنستنا سهام التي هي في الواقع جارتنا !
رهابنا من صوت المعلمة وخوفنا من (العصاية) إذ علينا أن نفتح أيدينا جيداً لتلقي العقاب ، هل تتذكرين كيف احمرت راحاتنا ورغم ذلك كنا نضحك خلسة في المقعد ; كأن شيئاً لم يكن !
- طيّب هل تتذكرين صبيحة يوم استلام (الجلاءات); يومها سرحت كل فتاة شعرها بموديل معيّن ، الجديلة الواحدة ، الجديلتان (الكرون) ، كنا نتباهى بالشريطة الحمراء على رؤوسنا ، ونرتدي أجمل الثياب وفي الغالب تكون ثياب العيد ، كانت علاماتنا مشرفة جدا ; " كلها عشرات" وكنا نخجل لو لوثت ال9 ونص" صف العشرات التامة ، فتلك علامة فارقة تمنع والدينا من منحنا المشوارا إلى بيت جدي و الأكلات الطيبة والمئة ليرة عندما كانت المئة ليرة "تحكي" أنذاك !
- هل تتذكرين "مريولنا المدرسي" النيلي و(الفولار) ما زلت أذكر جيبه الذي طبعت عليه صورة "لولو كاتي " كما أردنا عند شرائه ، أظنه تصرف عنيد يقرر أنوثتنا وكينونتنا اللطيفة…
.- هنالك صفحة في الذاكرة لعق قلبي إصبعه وقلبها ليلتقي عند لحظة "الفرصة " حيث كنا نتقاسم لفّة (سندويشة) الزعتر و "بق" الماء في "المطّارة" لنروي الظمأ عندما يبست حلوقنا من ترديد نشيد (بلاد العرب أوطاني)…
.إنني اليوم حيث بقايا وطن أقاسمك رشف القهوة في كافيه الكلية المتواضع ولكنني بطفولة طاغية أدلق القهوة على الأرض وأقول لك : كبرنا يا زينب ، رنّ الجرس !

