-->
مجلة دار الـعـرب الثقافية مجلة دار الـعـرب الثقافية
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

قصة قصبرة: حمل ثقيل


بقلم الكاتبة: أ.صديقة صديق علي


حمل ثقيل 

أدارت ظهرها،قرفصت بتثاقل لتتدبر أمر كومة الحطب الهائلة.
بخطافها الموصول بحبل، رفعت الحمل الكبير على ظهرها،نهضت بعزم متكئة على كفها المتشققة.
 صعدت السفح بدربه الطويل، تدلّت بعض الأعشاب العالقة بالعيدان، فغبشت رؤية لا تحتاجها، فهي اعتادت الطريق وتحفظ معالمه.
أفتقد الدرب ،هذا الصباح ،مواويلها اليومية، في انحدارها المعتاد لقعر الوادي،قد أجهض سلواها في دربها الطويل شقاء الأمس ، وحرارتها المرتفعة، وتوبيخ زوجها المستمر لها،على تأخرها بجلب الحطب كما الإنجاب، السبب الحاضر دوما لتبرير عنفه. 
جمعتها صداقة شقيّة مع البريّة، كانت متنفسها وراحة بالها، رغم اقترانها بالجهد المضني .

خطواتها تتباطأ بصعودها الشاق،ووجهها يزداد اقترابا من الأرض، فقد شغلتها برودة ناعمة، تلامس رقبتها الحارة المتعرقة، لا بد أن أحد العيدان قد امتص ماء الوادي، لكن ماذا لو كانت أفعى؟ ...لا.. لايمكن،فلو كانت أفعى، ماالذي منعها عن لدغي، ...عليّ إنزال الحمل والبحث ...لا سيتعذر عليّ رفعه من جديد، قد يتدحرج .. وقد أتدحرج معه.واصلت سيرها وقد هيأت نفسها لشتائم جديدة ، ولتحميلها مسؤولية عطب الحطب ،وهي تطرد الاحتمال الأسوأ ..قد أجففه قبل أن ينتبه، وتمنت ألا يقوم بتفتيش الكومة كعادته.
ما أن أطلت على مجلسه.. البساط الممدود وكأس الشاي وأرائك تسند مرفقيه والشمس المتوارية خلف الدالية 
حتى سمعت صرخته المتحشرجة:انتصف النهار وأنت كالسلحفاة ..اسرعي قليلا.
لم يعد صراخه يخيفها، ما يخيفها فقط تلك العصا التي يضعها بجانبه.
أسقطت الحمل عن ظهرها، وانسحبت البرودة عن رقبتها، جلست فوق كومة الحطب تمسح عرق جبينها.الراحة من هذا الثقل لها طعم حلو رغم كل المرارت. 
ـ هذا هو كله ألم يبق شيء؟ 
أومأت برأسها أن نعم ..دون أن تنظر في وجهه، وصدرها يعلو ويهبط ..ويداها المتيبستان ترتجفان ..
فزّ بسرعة، يحمل عصاه، وينطلق باتجاهها ...فوجئت به ،يضرب بعنف الأرض بجانب قدميها، وتفلت منه أفعى سوداء تنسل بهدوء وتختفي بين حجارة المصطبة .تبسمت بسرور واضح، وهي تراقب آخر جزء من جلد الأفعى وقد عكست الشمس سواده اللامع.
 .
نكزها بعصاه الغليظة غاضبا:
ـ وتتبسمين لها!؟ وتحميلنها من الوادي إلينا ...؟! يابنت الكـ... ..امرأة مثلك ماذا ستجلب لنا سوى الأفاعي. 

عن محرر المقال

م.زينب الأسدي

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مجلة دار العرب نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد االمقالات أول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مجلة دار الـعـرب الثقافية

مجلة عراقية . ثقافية . أدبية

احصاءات المجلة

جميع الحقوق محفوظة لمجلة دار العرب الثقافية - تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

مجلة دار الـعـرب الثقافية