قراءةٌ نقديةً في بيت شعر للشاعر العراقي صفي الدين الحلي ٦٧٧هج-٧٥٢ه
بقلم : أ . مزهر الخالدي
بِيضٌ صَنائعنا سُودٌ وَقائِعِنا
خُضرٌ مَرابِعِنا حمرٌ مواضينا
........
لقد إنطلق الشاعر العربي العراقي والمولود في الحلة سنة٦٧٧هج- ٧٥٢هج في قصيدته العصماء والتي مطلعها
سَلْ الرماح العوالي عن معالينا
وإستشهد البيض هل خاب الرجا فينا
إنا لقومٍ أبتْ أخلاقُنا شرفاً
أن نَبتديّ بالأذي من ليس يؤذينا
بِيضٌ صَنائِعِنُا سودٌ وَقائِعِنُا
خُضرٌ مَرابعِنُا حُمرٌ مَواضِيِنا
وهنا ذهب الشاعر الحلي في البحث عن صفاةِ العرب وكرمهم وشجاعتهم وفخراً وإعتزازاً بهذه الأمة التي أنجبت العظام وفي مقدمتهم الرسول الأكرم محمد بن عبد الله( ص) والهدف من الدراسة هو لماذا إستخدم الألوان في شعره الفخري وما هي حقيقة الالوان الأربعة: فذهب الى اللون الأبيض في قوله( بيضٌ صنائعنا) والصنيعةُ هي الإحسان والخير إنطلاقا من مبدأ ثابت هو إن العرب كرماء منذ فجر السلالات وإحسانهم لغيرهم بياضٌ لاتصيبه شائبةٌ، اما اللون الأسود الذي ذكره الشاعر العراقي الحلي( سودٌ وقائعنا) والوقيعة هي يوم الحرب كنايةً عن شدةِ بطشتهم بعدوهم والأهوال التي يلاقيها أعدائهم عند نشوب الحرب بينهم،أما اللون الأخضر في قوله( خُضرٌ مرابعنا) والمرابع هي أماكن الرعي المأكل والمشرب ويقصد بها سعة الحال وخيرات الوطن العربي ووفرة المياه وكثرة خيراتهم وجودة أراضيهم،اما في قوله( حُمرٌ مواضينا) والمواضي هي السيوف اي إن من شدة الضرب والقتال فالسيف يقطر دماً من رقاب الأعداء من شدة القوة والشجاعة.
اما الهدف الثاني من دراستنا لهذا البيت الشعري لصفي الدين الحلي فهو ماذهب اليه العرب في إختيار راياتهم والتي جسدت من خلال بياق العرب في القتال وأصبحت لكل قبيلة لون من هذه الالوان يكون بيرقها فنرى العلويين تميزوا باللون الاخضر والامويين باللون الأبيض والعباسيين باللون الاسود والعثمانيين باللون الأحمر( والاحمر عند العرب للقوة والشجاعة والثأر)
وبعد نهاية الحرب العالمية الاولى واتفاقية سايك سبيكو وتقسيم الوطن العربي الى دويلات اصبحت الالوان هي أعلام ترمز للدول ولو دققت في كل اعلام وألوان الوطن العربي فلن تجد الا هذه الألوان وقد يضاف لها الهلال او النجمة او كلاهما معا او أضافة كلمة لفظ الجلالة. ومن ذلك الوقت أصبح بيت الشاعر الحلي دلالة متميزة عن الالوان وخاصة البيارق بل تعدى ذلك ان الوحدات العسكريه التزمت بالالوان لكل وحده،والتأريخ أمامك يشهد بذلك وبقوة العرب وشجاعتهم وما قول الشاعر الحلي لهو قراءة صحيحة للعرب وكرمهم وشجاعتهم وقد استطرد الشاعر في نفس القصيدة ببيت اخر هو
لا يظهرُ العجز منا دون نيلِ منى
ولو رأينا المنايا في أمانينا
وهنا لابد من تذكير الحكام العرب بهذه القصيده وكيف تغيرت اليوم الأساليب العربية وصارت تبيع الاخو العربي الى العدو لقاء حفنة من الدولارات او المناصب الزائله فلابد من القادة العرب وحكامه من صحوة ضمير والقراءة الصحيحة لقصيدة صفي الدين الحلي....

