متاهه
بقلم : أ . محمد جبر حسن
لست ابن هذه الارض
لا انتمي لها
جدي الاكبر
نبتة صبّار اقتلعت من صحراء العرب
ابي قصبة بردي في اهوار العمارة
امي نخلة برحي بصرية
وأنا ..
نورس ترفرف روحه العطشى على شواطئ دجلة
بيني وبين هذه الارض علاقة عكسية
ادور عكس دورتها
اشرق حين تغرب شمسها
فصباحاتي المزهرة تركتها هناك
في كل يوم ..
وبين الحين والآخر أقلبُ موجات الراديو
لسماع صوت فيروز
(راجعين يا هوى راجعين )
واحيانا اخرى اشتاق لرائحة اوراق الشجر
النديّة بعطر الرازقي والشبوي
حين ينزل المطر
أشتاق لرائحة الارض وجدار بيتي
لم تغريني هذه الحياة المترفة
ثمة اوهام قديمة
حان وقت تمزيق شرنقتها الخانقة
عمرنا الذي مضى مثل ومضة ضوء
خفت نوره بنهاراتنا المظلمة
سنواتنا عجاف
تلسعها جمرات الانتظار
الارض هنا .. توقفت
والارض هناك تدور تدور
كل نهار
محطات
تشعرُ إنك عربة قطار
العربة التي تعانق رفيقاتها ببرود
وتحسُ بدفء المسافرين
وهم يجلسون على الأرائك
تنظر للأكف الملَوّحة بالهواء
ينشغل عنك ناظر المحطة
وهو يدخن سيجارة
فتنطلق بعيداً بعيداً
دون وداع .
تشعرُ إنك مسافر
تجلس في محطة المسافرين
تنتظر وصول القطار
القطار الذي لم يقِف
في تلك المحطة .
تشعرُ إنك سائق قطار
تريد أن تسافر
الى بلد بعيد
بعيد جداً
ليس فيه صوت قطار
ولا محطة
تشعرُ إنك في البيت
تجلس على نفس الأريكة
منذ سنين طوال
والعمر يمضي بك سريعاً
سريعاً مثل قطار .

