عروس التراب
نص : أ . عنان محروس - الأردن
بعد حين ..
سيتلو العرافون عني نبأً
كانت هنا
كانت هنا
ستزدحمُ الجدرانُ
بفصولِ وجهٍ يُشبهني
استقامةُ تفاصيلَ
انصهرتْ ، رقدتْ
على مرمى بصرٍ أعمى
يوغلون بدقةٍ في ملامحي
ويتنشّقون وهمًا
من عبيرِ ابتسامةٍ ونظرة
عبرَ إطارِ صورة
أما أنا
فسأخرجُ عن سطوةِ رئتي
لترفضَ أوكسجينَها طواعية
عينايَ ستكتحلانِ
بحدقةِ ضريرٍ
فلا يعنيها
قبحٌ مثقوبُ الحنجرة
ولا آيةُ مطلق جمال
أذني ستُصَّمُ عن
تلاواتِ مزاميرِ الغيبة
و
طعناتِ الأصواتِ المبحوحة
يدٌ غريبة
تصرُّ على غسلِ جسدي
تتقنُ رشقَ الماءِ الحار
فوق مسامِ الدهشة
اطمئنوا
لن أكونَ وحيدةً
سأتوسدُ الصخرَ
وأتسلقُ أمواجَ التراب
بلسانٍ عاجزٍ أخرس
سيرافقُ فمي
غرابٌ أبيض
من قطنٍ وقور
يغني مواويلَ صمت
فأبلعَ حنجرتي
سأرتدي فستانَ زفاف
يقيدُ كتفي ويدي
برباطِ العجزِ
حتى أبلغَ مبلغَ القيامة
سيطلقون عليّ اسمًا
عروسَ التراب
لن أعنونَ مقري
وسأشطبُ وجهَ
كلِّ العابرينَ صُدفةً
لممارسةِ طقوسِ النعِّي والرثاء
المتوشحينَ بالحزنِ زيفًا
وبطونُهم تتوقُ
لغداءٍ حُضِرَ من لحمي
سأجزُّ أقفالَ الثرثرات
وأسرابَ الوشاية
ليصبحَ قلبي جاحدًا
بكلِّ مشاعرِ زهرِ البنفسج
وأختزلُ صلاةَ الضفاف
بزفرةٍ
وزقاقٍ معتمٍ ضيق
سأطوي أجنحتي
وأعتصمُ السكون
بلاغةُ لغتي
سأختصرُها
بشهادةِ منفى
تحلُّ أحجيات دنيوية
وسأكتفي فقط
بخبرٍ من العّرافين
كانتْ هنا
كانتْ هنا
(( من كتابي الصادر عن دار الغاية .. هواجس .. ترجل ..))