شهقة ماء
نص : أ . ٱمال القاسم - الأردن
سألَني القيصر -
وهو يطالعُ فخامتَه في عينيّ :
يا امرأةً من ضلعٍ ،
ما بين النّورِ والبلّورِ تكوّر ..
يا أنتِ ،
يا مَنْ تتّكِئين بهديرِكِ على ظمئي ،
مِنْ أيِّ قمرٍ مَرْمرٍ أتيتِ ..!
ومِنْ أيِّ خَمْرٍ بربريٍّ انتشيْتِ ..!؟
فتَنَمّرْتِ ..
وتَقَطّرْتِ ..
وتَمَوْسَقْتِ ..
هَوْدجًا مِن ياسمين ..
يَسْريْ جنونًا في الوتين ..
يُطَوِّقُني في حُلُمي
ويُشْعِلُني في اليقين ...
فتَراخَتْ أنوثتي على كَتِفي .....
كعِطْرٍ غجَرِيٍّ ،
أبْذَرَ الخَصْبَ في البَيْدر ..
واختالَتْ في بلاطِهِ جديلَتي
والْتَفّتْ ساقاهُ بالْتِفاتَتي ..
فتعثّرَتْ شفتاهُ على شفا غنْجٍ ،
يراودُني بشغَفٍ :
يا مُهجتي ..
يا مُهرتي ..
يا جمرتي ..
يا مَن ترفرفين في أزِّقّتي ..
بحقِّ حمحمةِِ الشّوقِ ،
من أنتِ ..؟ ومن أين خرجتِ ..؟!
فقلتُ وشهقةُ ماءِ تنَتَبذُ أنفاسي :
أنا الْجمرُ المُتَّهَمُ بالْتِهامِكْ ..
تلْتفُّ حولَ عنُقي أسوارُ شهَقاتِكْ ..
تدورُ حولَ خصري
نوارسُ وحمائمُ ،
وأنينُ نايٍ وعودٌ ورنينْ ..
أنا مَن روّضْتُ أنفاسي
على ثغرِكَ المعطَّر ..
أنا أوّلُ الخفقِ وآخرُ السكونْ
منذُ حلمٍ وأربعين ..
ولَدَتْني الموسيقا
في دمِكَ العتيقِ أزأر !
أنا المتَوَحِّدَةُ بِلا هُويّةٍ في شرايينِكْ ..
وأنا الرّاحلةُ بلا روحٍ إلى روحِكَْ ..
وأنا خيولُكَ التي تسابقُ الصهيل إليك ..
في عينيّ أحملُ بلادَكَ ،
وحضارةَ عينيْك ،
وخطَّ التاريخِ ،
وخطوطَ حاجبيكْ ..
في شفتيَّ يختبئُ وطنٌ
يتعكّزُ على أسئلتي ..
يتدحرجُ على حبةِ كرزٍ ،
عالقةٍ في دانتيل المساء
يعانقُ رهبانيةَ هذا اليل ؛
ليعتليَ مِنصةَ السماء ..!
وأنا يا سيدي ...
تفّاحةٌ حمراءُ في جنّتِكْ ..
أقشِّرُ لغتي ؛
لأُدثِّرَ جذورَكَ في رحِمي ..
ويدثِّرَني اسمُكَ العميق ..
كالإلهِ في العروق ..
تكبّرَ وتجَبّر ..!!
سكرة القمر